هذه الآية.
(وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٤))
(لَوْ لا) هذه حرف امتناع لوجود. والفضل في الدنيا يتعين أنه إسقاط عقوبة الحد عنهم بعفو عائشة وصفوان عنهم ، وفي الآخرة إسقاط العقاب عنهم بالتوبة. والخطاب للمؤمنين دون رأس المنافقين. وهذه الآية تؤيد ما عليه الأكثر أن النبي صلىاللهعليهوسلم لم يحد حد القذف أحدا من العصبة الذين تكلموا في الإفك. وهو الأصح من الروايات : إما لعفو عائشة وصفوان ، وإما لأن كلامهم في الإفك كان تخافتا وسرارا ولم يجهروا به ولكنهم أشاعوه في أوساطهم ومجالسهم. وهذا الذي يشعر به حديث عائشة في الإفك في «صحيح البخاري» وكيف سمعت الخبر من أم مسطح وقولها : أو قد تحدث بهذا وبلغ النبي وأبويّ؟!. وقيل : حد حسان ومسطحا وحمنة ، قاله ابن إسحاق وجماعة ، وأما عبد الله بن أبيّ فقال فريق : إنه لم يحد حد القذف تأليفا لقلبه للإيمان. وعن ابن عباس أن أبيّا جلد حد القذف أيضا.
والإفاضة في القول مستعار من إفاضة الماء في الإناء ، أي كثرته فيه. فالمعنى : ما أكثرتم القول فيه والتحدث به بينكم.
(إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ (١٥))
(إِذْ) ظرف متعلق ب (أَفَضْتُمْ) [النور : ١٤] والمقصود منه ومن الجملة المضاف هو إليها استحضار صورة حديثهم في الإفك وبتفظيعها.
وأصل (تَلَقَّوْنَهُ) تتلقونه بتاءين حذفت إحداهما. وأصل التلقي أنه التكلف للقاء الغير ، وتقدم في قوله تعالى : (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ) [البقرة : ٣٧] أي علمها ولقنها ، ثم يطلق التلقي على أخذ شيء باليد من يد الغير كما قال الشماخ :
إذا ما راية رفعت لمجد |
|
تلقاها عرابة باليمين |
وفي الحديث : «من تصدق بصدقة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا طيبا تلقاها الرحمن بيمينه ..» الحديث ، وذلك بتشبيه التهيؤ لأخذ المعطى بالتهيؤ للقاء الغير وذلك هو