عنها.
والبهتان مصدر مثل الكفران والغفران. والبهتان : الخبر الكذب الذي يبهت السامع لأنه لا شبهة فيه. وقد مضى عند قوله تعالى : (وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً) في سورة النساء [١٥٦].
[١٧ ، ١٨] (يَعِظُكُمُ اللهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧) وَيُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٨))
بعد أن بيّن الله تعالى ما في خبر الإفك من تبعات لحق بسببها للذين جاءوا به والذين تقبلوه عديد التوبيخ والتهديد ، وافتضاح للذين روّجوه وخيبة مختلقة بنقيض قصدهم ، وانتفاع للمؤمنين بذلك ، وبيّن بادئ ذي بدء أنه لا يحسب شرا لهم بل هو خير لهم ، وأن الذين جاءوا به ما اكتسبوا به إلا إثما ، وما لحق المسلمين به ضر ، ونعى على المؤمنين تهاونهم وغفلتهم عن سوء نية مختلقيه ، وكيف ذهلوا عن ظن الخير بمن لا يعلمون منها إلا خيرا فلم يفندوا الخبر ، وأنهم اقتحموا بذلك ما يكون سببا للحاق العذاب بهم في الدنيا والآخرة ، وكيف حسبوه أمرا هيّنا وهو عند الله عظيم ، ولو تأملوا لعلموا عظمه عند الله ، وسكوتهم عن تغيير هذا ؛ أعقب ذلك كله بتحذير المؤمنين من العود إلى مثله من المجازفة في التلقي ، ومن الاندفاع وراء كل ساع دون تثبت في مواطئ الأقدام ، ودون تبصر في عواقب الإقدام.
والوعظ : الكلام الذي يطلب به تجنب المخاطب به أمرا قبيحا. وتقدم في آخر سورة النحل [١٢٥].
وفعل (يَعِظُكُمُ) لا يتعدى إلى مفعول ثان بنفسه ، فالمصدر المأخوذ من (أَنْ تَعُودُوا) لا يكون معمولا لفعل (يَعِظُكُمُ) إلا بتقدير شيء محذوف ، أو بتضمين فعل الوعظ معنى فعل متعدّ ، أو بتقدير حرف جر محذوف ، فلك أن تضمّن فعل (يَعِظُكُمُ) معنى التحذير. فالتقدير : يحذركم من العود لمثله ، أو يقدّر : يعظكم الله في العود لمثله ، أو يقدر حرف نفي ، أي أن لا تعودوا لمثله ، وحذف حرف النفي كثير إذا دل عليه السياق ، وعلى كل الوجوه يكون في الكلام إيجاز.
والأبد : الزمان المستقبل كله ، والغالب أن يكون ظرفا للنفي.