المؤدية إلى اختلاف النطق بحروف الكلمة ، وأما مثل هذا فمما يرجع إلى الأداء والرواية تعصم من الخطأ فيه.
وقوله : (وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) تذييل بين الوعد والوعيد ، أي سميع لمن يشيع الفاحشة ، عليم بما في نفسه من محبّة إشاعتها ، وسميع لمن ينكر على ذلك ، عليم لما في نفسه من كراهة ذلك فيجازي كلا على عمله.
وإظهار اسم الجلالة فيه ليكون التذييل مستقلا بنفسه لأنه مما يجري مجرى المثل.
(وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢))
عطف على جملة : (لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ) [النور : ٢١] عطف خاص على عام للاهتمام به لأنه قد يخفى أنه من خطوات الشيطان فإن من كيد الشيطان أن يأتي بوسوسة في صورة خواطر الخير إذا علم أن الموسوس إليه من الذين يتوخون البر والطاعة ، وأنه ممن يتعذر عليه ترويج وسوسته إذا كانت مكشوفة.
وإن من ذيول قصة الإفك أن أبا بكر رضياللهعنه كان ينفق على مسطح بن أثاثة المطلبي إذ كان ابن خالة أبي بكر الصديق وكان من فقراء المهاجرين فلما علم بخوضه في قضية الإفك أقسم أن لا ينفق عليه. ولما تاب مسطح وتاب الله عليه لم يزل أبو بكر واجدا في نفسه على مسطح فنزلت هذه الآية. فالمراد من أولي الفضل ابتداء أبو بكر ، والمراد من أولي القربى ابتداء مسطح بن أثاثة ، وتعم الآية غيرهما ممن شاركوا في قضية الإفك وغيرهم ممن يشمله عموم لفظها فقد كان لمسطح عائلة تنالهم نفقة أبي بكر. قال ابن عباس : إن جماعة من المؤمنين قطعوا منافعهم عن كل من قال في الإفك وقالوا : والله لا نصل من تكلّم في شأن عائشة. فنزلت الآية في جميعهم.
ولما قرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم الآية إلى قوله : (أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ) قال أبو بكر : بلى أحب أن يغفر الله لي. ورجّع إلى مسطح وأهله ما كان ينفق عليهم. قال ابن عطية : وكفّر أبو بكر عن يمينه ، رواه عن عائشة.
وقرأ الجمهور : (وَلا يَأْتَلِ). والايتلاء افتعال من الألية وهي الحلف وأكثر استعمال الألية في الحلف على امتناع ، يقال : آلى وائتلى. وقد تقدم عند قوله تعالى :