والباء في قوله (بِخُمُرِهِنَ) لتأكيد اللصوق مبالغة في إحكام وضع الخمار على الجيب زيادة على المبالغة المستفادة من فعل (يَضْرِبْنَ).
والجيوب : جمع جيب بفتح الجيم وهو طوق القميص مما يلي الرقبة. والمعنى : وليضعن خمرهن على جيوب الأقمصة بحيث لا يبقى بين منتهى الخمار ومبدأ الجيب ما يظهر منه الجيد.
وقوله : (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَ) أعيد لفظ (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَ) تأكيدا لقوله (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَ) المتقدم وليبني عليه الاستثناء في قوله : (إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَ) إلخ الذي مقتضى ظاهره أن يعطف على (إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَ) لبعد ما بين الأول والثاني ، أي ولا يبدين زينتهن غير الظاهرة إلا لمن ذكروا بعد حرف الاستثناء لشدة الحرج في إخفاء الزينة غير الظاهرة في أوقات كثيرة ، فإن الملابسة بين المرأة وبين أقربائها وأصهارها المستثنين ملابسة متكررة فلو وجب عليها ستر زينتها في أوقاتها كان ذلك حرجا عليها.
وذكرت الآية اثني عشر مستثنى كلهم ممن يكثر دخولهم. وسكتت الآية عن غيرهم ممن هو في حكمهم بحسب المعنى. وسنذكر ذلك عند الفراغ من ذكر المصرح بهم في الآية.
والبعولة : جمع بعل. وهو الزوج ، وسيد الأمة. وأصل البعل الرب والمالك (وسمي الصنم الأكبر عند أهل العراق القدماء بعلا وجاء ذكره في القرآن في قصة أهل نينوى ورسولهم إلياس) ، فأطلق على الزوج لأن أصل الزواج ملك وقد بقي من آثار الملك فيه الصداق لأنه كالثمن. ووزن فعولة في الجموع قليل وغير مطرد وهو مزيد التاء في زنة فعول من جموع التكسير.
وكل من عد من الرجال الذين استثنوا من النهي هم من الذين لهم بالمرأة صلة شديدة هي وازع من أن يهموا بها. وفي سماع ابن القاسم من كتاب «الجامع من العتبية» : سئل مالك عن الرجل تضع أم امرأته عنده جلبابها قال : لا بأس بذلك. قال ابن رشد في «شرحه» : لأن الله تعالى قال : (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَ) الآية ، فأباح الله تعالى أن تضع خمارها عن جيبها وتبدي زينتها عند ذوي محارمها من النسب أو الصهر ا ه. أي قاس مالك زوج بنت المرأة على ابن زوج المرأة لاشتراكهما في حرمة الصهر.
والإضافة في قوله : (نِسائِهِنَ) إلى ضمير (لِلْمُؤْمِناتِ) : إن حملت على ظاهر الإضافة كانت دالة على أنهن النساء اللاتي لهن بهن مزيد اختصاص فقيل المراد نساء