أمّتهن ، أي المؤمنات ، مثل الإضافة في قوله تعالى : (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ) [البقرة : ٢٨٢] ، أي من رجال دينكم. ويجوز أن يكون المراد أو النساء. وإنما أضافهن إلى ضمير النسوة اتباعا لبقية المعدود.
قال ابن العربي : إن في هذه الآية خمسة وعشرين ضميرا فجاء هذا للإتباع ا ه. أي فتكون الإضافة لغير داع معنوي بل لداع لفظي تقتضيه الفصاحة مثل الضميرين المضاف إليهما في قوله تعالى : (فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها) [الشمس : ٨] أي ألهمها الفجور والتقوى. فإضافتهما إلى الضمير اتباع للضمائر التي من أول السورة : (وَالشَّمْسِ وَضُحاها) [الشمس : ١] وكذلك قوله فيها : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها) [الشمس : ١١] أي بالطغوى وهي الطغيان فذكر ضمير ثمود مستغنى عنه لكنه جيء به لمحسن المزاوجة(١).
ومن هذين الاحتمالين اختلف الفقهاء في جواز نظر النساء المشركات والكتابيات إلى ما يجوز للمرأة المسلمة إظهاره للأجنبي من جسدها. وكلام المفسرين من المالكية وكلام فقهائهم في هذا غير مضبوط. والذي يستخلص من كلامهم قول خليل في «التوضيح» عند قول ابن الحاجب : وعورة الحرة ما عدا الوجه والكفين. ومقتضى كلام سيدي أبي عبد الله بن الحاج (٢) : أما الكافرة فكالأجنبية مع الرجال اتفاقا ا ه.
وفي مذهب الشافعي قولان : أحدهما : أن غير المسلمة لا ترى من المرأة المسلمة إلا الوجه والكفين ورجحه البغوي وصاحب «المنهاج» البيضاوي واختاره الفخر في «التفسير». ونقل مثل هذا عن عمر بن الخطاب وابن عباس ، وعلله ابن عباس بأن غير المسلمة لا تتورع عن أن تصف لزوجها المسلمة. وكتب عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة بن
__________________
(١) وقد تقع الإضافة إلى مثل هذا الضمير بدون مزاوجة ، فيكون ذكر الضمير مستغنى عنه ولا داعي إليه فيكون بمنزلة اعتماد في الكلام كما في قول عامر بن جوين الطائي :
فلا مزنة ودقت ودقها |
|
ولا أرض أبقل إبقالها |
أي ودقت ودقا وأبقلت إبقالا. ومنه قول بعض بني نمير :
رمى قلبه البرق الملألئ |
|
رميه فهيّج أسقاما فبات يهيم |
أنشده الشيخ الجد سيدي محمد الطاهر ابن عاشور في «شرحه» على «البردة» نقلا عن ابن مرزوق في البيت الثاني من أبيات البردة.
(٢) هو محمد بن محمد بن الحاج العبدري المالكي الفاسي المتوفى سنة / ٧٣٧ / ه. له كتاب «المدخل إلى تتمة الأعمال».