وقرأ الجمهور : (غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ) بخفض (غَيْرِ). وقرأه ابن عامر وأبو بكر عن عاصم وأبو جعفر بنصب (غَيْرِ) على الحال.
والطفل مفرد مراد به الجنس فلذلك أجري عليه الجمع في قوله : (الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا) وذلك مثل قوله : (ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً) [الحجّ : ٥] أي أطفالا.
ومعنى : (لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ) لم يطلعوا عليها. وهذا كناية عن خلو بالهم من شهوة النساء وذلك ما قبل سن المراهقة.
ولم يذكر في عداد المستثنيات العم والخال فاختلف العلماء في مساواتهما في ذلك : فقال الحسن والجمهور : هما مساويان لمن ذكر من المحارم وهو ظاهر مذهب مالك إذ لم يذكر المفسرون من المالكية مثل ابن الفرس وابن جزي عنه المنع. وقال الشعبي بالمنع وعلل التفرقة بأن العم والخال قد يصفان المرأة لأبنائهما وأبناؤهما غير محارم. وهذا تعليل واه لأن وازع الإسلام يمنع من وصف المرأة.
والظاهر أن سكوت الآية عن العم والخال ليس لمخالفة حكمهما حكم بقية المحارم ولكنه اقتصار على الذين تكثر مزاولتهم بيت المرأة ، فالتعداد جرى على الغالب. ويلحق بهؤلاء القرابة من كان في مراتبهم من الرضاعة لقول النبي صلىاللهعليهوسلم : «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب». وجزم بذلك الحسن ، ولم أر فيه قولا للمالكية. وظاهر الحديث أن فيهم من الرخصة ما في محارم النسب والصهر.
(وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَ).
الضرب بالأرجل إيقاع المشي بشدة كقوله : يضرب في الأرض.
روى الطبري عن حضرمي : أن امرأة اتخذت برتين (تثنية برة بضم الباء وتخفيف الراء المفتوحة ضرب من الخلخال) من فضة واتخذت جزعا في رجليها فمرت بقوم فضربت برجلها فوقع الخلخال على الجزع فصوت فنزلت هذه الآية.
والتحقيق أن من النساء من كن إذا لبسن الخلخال ضربن بأرجلهن في المشي بشدة لتسمع قعقعة الخلاخل غنجا وتباهيا بالحسن فنهين عن ذلك مع النهي عن إبداء الزينة.
قال الزجاج : سماع هذه الزينة أشد تحريكا للشهوة من النظر للزينة فأما صوت الخلخال المعتاد فلا ضير فيه.
وفي أحاديث ابن وهب من «جامع العتبية» : سئل مالك عن الذي يكون في أرجل