يصنع منه ، وهو حينئذ رخو يشبه الحلواء فيكون حينئذ قابلا للامتداد وللانتفاخ إذا نفخ فيه بقصبة من حديد يضعها الصانع في فمه وهي متصلة بقطعة الطين المصهورة فينفخ فيها فإذا داخلها هواء النفس تمددت وتشكلت بشكل كما يتفق فيتصرف فيه الصانع بتشكيله بالشكل الذي يبتغيه فيجعل منه أواني مختلفة الأشكال من كئوس وباطيات وقنّينات كبيرة وصغيرة وقوارير للخمر وآنية لزيت المصابيح تفضل ما عداها بأنها لا تحجب ضوء السراج وتزيده إشعاعا.
وقد كان الزجاج معروفا عند القدماء من الفنيقيين وعند القبط من نحو القرن الثلاثين قبل المسيح ثم عرفه العرب وهم يسمونه الزجاج والقوارير. قال بشار :
ارفق بعمرو إذا حركت نسبته |
|
فإنه عربي من قوارير |
وقد عرفه العبرانيون في عهد سليمان واتخذ منه سليمان بلاطا في ساحة صرحه كما ورد في قوله تعالى : (قالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ) [النمل : ٤٤]. وقد عرفه اليونان قديما ومن أقوال الحكيم (ديوجينوس اليوناني) : «تيجان الملوك كالزجاج يسرع إليها العطب». وسمى العرب الزجاج بلّورا بوزن سنّور وبوزن تنّور. واشتهر بصناعته أهل الشام. قال الزمخشري في «الكشاف» : (فِي زُجاجَةٍ) أراد قنديلا من زجاج شامي أزهر ا ه. واشتهر بدقة صنعه في القرن الثالث المسيحي أهل البندقية ولونوه وزينوه بالذهب وما زالت البندقية إلى الآن مصدر دقائق صنع الزجاج على اختلاف أشكاله وألوانه يتنافس فيه أهل الأذواق. وكذلك بلاد (بوهيميا) من أرض (المجر) لجودة التراب الذي يصنع منه في بلادهم. ومن أصلح ما انتفع فيه الزجاج اتخاذ أطباق منه توضع على الكوى النافذة والشبابيك لتمنع الرياح وبرد الشتاء والمطر عن سكان البيوت ولا يحجب عن سكانها الضوء. وكان ابتكار استعمال هذه الأطباق في القرن الثالث من التاريخ المسيحي ولكن تأخر الانتفاع به في ذلك مع الاضطرار إليه لعسر استعماله وسرعة تصدعه في النقل ووفرة ثمنه ، ولذلك اتخذ في النوافذ أول الأمر في البلاد التي يصنع فيها فبقي زمانا طويلا خاصا بمنازل الملوك والأثرياء.
والكوكب : النجم ، والدرّيّ ـ بضم الدال وتشديد التحتية ـ في قراءة الجمهور واحد الدراري وهي الكواكب الساطعة النور مثل الزّهرة والمشتري منسوبة إلى الدّر في صفاء اللون وبياضه ، والياء فيه ياء النسبة وهي نسبة المشابهة كما في قول طرفة يصف راحلته :
جماليّة وجناء ... البيت