وليس المراد بقول (سَمِعْنا وَأَطَعْنا) خصوص هذين اللفظين بل المراد لفظهما أو مرادفهما للتسامح في مفعول فعل القول أن لا يحكى بلفظه كما هو مشهور. وإنما خص هذان اللفظان بالذكر هنا من أجل أنهما كلمة مشهورة تقال في مثل هذه الحالة وهي مما جرى مجرى المثل كما يقال أيضا «سمع وطاعة» بالرفع و «سمعا وطاعة» بالنصب ، وقد تقدم الكلام على ذلك عند قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا) في سورة النساء [٤٦]. وفي حديث أبي هريرة : «قال النبي للأنصار : تكفوننا المئونة ونشرككم في الثمرة. فقال الأنصار : سمعنا وأطعنا».
و (قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ) خبر (كانَ) و (أَنْ يَقُولُوا) هو اسم (كانَ) وقدم خبر كان على اسمها متابعة للاستعمال العربي لأنهم إذا جاءوا بعد (كانَ) بأن والفعل لم يجيئوا بالخبر إلا مقدما على الاسم نظرا إلى كون المصدر المنسبك من أن والفعل أعرف من المصدر الصريح ، ولم يجيئوا بالخبر إلا مقدما كراهية توالي أداتين وهما : (كانَ) و (أَنْ). ونظائر هذا الاستعمال كثيرة في القرآن. وتقدم عند قوله تعالى : (وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا) في سورة آل عمران [١٤٧].
وجيء في وصف المؤمنين بالفلاح بمثل التركيب الذي وصف به المنافقون بالظلم بصيغة القصر المؤكد ليكون الثناء على المؤمنين ضدا لمذمة المنافقين تاما.
واعلم أن القصر المستفاد من (إِنَّما) هنا قصر إفراد لأحد نوعي القول. فالمقصود منه الثناء على المؤمنين برسوخ إيمانهم وثبات طاعتهم في المنشط والمكره. وفيه تعريض بالمنافقين إذ يقولون كلمة الطاعة ثم ينقضونها بضدها من كلمات الإعراض والارتياب. ونظير هذه الآية في طريق قصر ب (إلّا) قوله تعالى : (وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا) في سورة آل عمران [١٤٧].
(وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ (٥٢))
الواو اعتراضية أو عاطفة على جملة (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [النور : ٥١]. والتقدير : وهم الفائزون. فجاء نظم الكلام على هذا الإطناب ليحصل تعميم الحكم والمحكوم عليه. وموقع هذه الجملة موقع تذييل لأنها تعم ما ذكر قبلها من قول المؤمنين (سَمِعْنا وَأَطَعْنا) [النور : ٥١] وتشمل غيره من الطاعات بالقول أو بالفعل.
و (مَنْ) شرطية عامة ، وجملة : (فَأُولئِكَ) جواب الشرط. والفوز : الظفر بالمطلوب