دليلا على انفراد الله تعالى بالخلق وتمام القدرة وسعة العلم. والأنعام تقدم أنها الإبل في غالب عرف العرب.
وجملة (نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها) بيان لجملة (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً) فلذلك لم تعطف لأنها في موقع المعطوف عطف البيان.
والعبرة حاصلة من تكوين ما في بطونها من الألبان الدال عليه (نُسْقِيكُمْ). وأما (نُسْقِيكُمْ) بمجردة فهو منة. وقد تقدم نظير هذه الآية مفصلا في سورة النحل [٦٦].
وجملة (وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ) وما بعدها معطوفة على جملة (نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها) فإن فيه بقية بيان العبرة وكذلك الجمل بعده. وهذه المنافع هي الأصواف والأوبار والأشعار والنّتاج.
وأما الأكل منها فهو عبرة أيضا إذ أعدها الله صالحة لتغذية البشر بلحومها لذيذة الطعم ، وألهم إلى طريقة شيّها وصلقها وطبخها ، وفي ذلك منة عظيمة ظاهرة.
وكذلك القول في معنى (وَعَلَيْها) .. (تُحْمَلُونَ) فإن في ذلك عبرة بإعداد الله تعالى إياها لذلك وفي ذلك منة ظاهرة ، والحمل صادق بالركوب وبحمل الأثقال.
وقرأ نافع وابن عامر وأبو بكر عن عاصم بفتح النون ، وقرأه الباقون عدا أبا جعفر ـ بضم النون ـ يقال : سقاه وأسقاه بمعنى ، وقرأه أبو جعفر بتاء التأنيث مفتوحة على أن الضمير للأنعام.
وعطف (وَعَلَى الْفُلْكِ) إدماج وتهيئة للتخلص إلى قصة نوح.
[٢٣ ـ ٢٥] (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ (٢٣) فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما هذا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ (٢٤) إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ (٢٥))
لما كان الاستدلال والامتنان اللذان تقدما موجهين إلى المشركين الذين كفروا بالنبيءصلىاللهعليهوسلم واعتلوا لذلك بأنهم لا يؤمنون برسالة بشر مثلهم وسألوا إنزال ملائكة ووسموا الرسول عليه الصلاة والسلام بالجنون ، فلما شابهوا بذلك قوم نوح ومن جاء بعدهم ناسب