العاقبة في وقت ما. ولذلك نكر لفظ (حِينٍ) المجعول غاية لاستدراجهم ، أي زمن مبهم ، كقوله : (لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً) [الأعراف : ١٨٧].
والغمرة حقيقتها : الماء الذي يغمر قامة الإنسان بحيث يغرقه. وتقدم في قوله تعالى : (وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ) في سورة الأنعام [٩٣]. وإضافتها إلى ضميرهم باعتبار ملازمتها إياهم حتى قد عرفت بهم ، وذلك تمثيل لحال اشتغالهم بما هم فيه من الازدهار وترف العيش عن التدبر فيما يدعوهم إليه الرسول لينجيهم من العقاب بحال قوم غمرهم الماء فأوشكوا على الغرق وهم يحسبون أنهم يسبحون.
[٥٥ ، ٥٦] (أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ (٥٥) نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ (٥٦))
الأشبه أن تكون هذه الجملة بدل اشتمال من جملة (فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ) [المؤمنون : ٥٤] باعتبار أن جملة (فَذَرْهُمْ) تشتمل على معنى عدم الاكتراث بما هم فيه من الأحوال التي ألهتهم عن النظر في دعوة الإسلام وغرتهم بأنهم بمحل الكرامة على الله بما خولهم من العزة والترف ، وما تشتمل عليه من التوعد بأن ذلك له نهاية ينتهون إليها وأن الله أعطاهم ما هم فيه زمن النعمة استدراجا لهم. وهذا كقوله تعالى (وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً) [المزمل : ١١] وقوله : (لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ مَتاعٌ قَلِيلٌ) [آل عمران : ١٩٦ ، ١٩٧].
والاستفهام في (أَيَحْسَبُونَ) إنكاري وتوبيخ على هذا الحسبان سواء كان هذا الحسبان حاصلا لجميع المشركين أم غير حاصل لبعض ، لأن حالهم حال من هو مظنة هذا الحسبان فينكر عليه هذا الحسبان لإزالته من نفسه أو لدفع حصوله فيها.
و (أَنَّما) هنا كلمتان (أن) المؤكدة (وما) الموصولة وكتبتا في المصحف متصلتين كما تكتب (إنما) المكسورة التي هي أداة حصر لأن الرسم القديم لم يكن منضبطا كل الضبط وحقها أن تكتب مفصولة.
والإمداد : إعطاء المدد وهو العطاء. و (مِنْ مالٍ وَبَنِينَ) بيان ل (ما) الموصولة.
والمسارعة : التعجيل ، وهي هنا مستعارة لتوخي المرغوب والحرص على تحصيله. وفي حديث عائشة أنها قالت للنبي صلىاللهعليهوسلم «ما أرى ربك إلا يسارع في هواك» أي يعطيك ما