في الإسلام وأن يهتدي الناس إليه بواسطتهم.
والإمام أصله : المثال والقالب الذي يصنع على شكله مصنوع من مثله ، قال النابغة:
أبوه قبله وأبو أبيه |
|
بنوا مجد الحياة على إمام |
وأطلق الإمام على القدوة تشبيها بالمثال والقالب ، وغلب ذلك فصار الإمام بمعنى القدوة. وقد تقدم في قوله تعالى : (قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) في سورة البقرة [١٢٤]. ووقع الإخبار ب (إِماماً) وهو مفرد عن ضمير جماعة المتكلمين لأن المقصود أن يكون كل واحد منهم إماما يقتدى به ، فالكلام على التوزيع ، أو أريد من إمام معناه الحقيقي وجرى الكلام على التشبيه البليغ. وقيل إمام جمع ، مثل هجان وصيام ومفرده : إمّ.
[٧٥ ، ٧٦] (أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً (٧٥) خالِدِينَ فِيها حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً (٧٦))
التصدير باسم الإشارة للتنبيه على أن ما يرد بعده كانوا أحرياء به لأجل ما ذكر قبل اسم الإشارة. وتلك مجموع إحدى عشرة خصلة وهي : التواضع ، والحلم ، والتهجد ، والخوف ، وترك الإسراف ، وترك الإقتار ، والتنزه عن الشرك ، وترك الزنا ، وترك قتل النفس ، والتوبة ، وترك الكذب ، والعفو عن المسيء ، وقبول دعوة الحق ، وإظهار الاحتياج إلى الله بالدعاء. واسم الإشارة هو الخبر عن قوله (وَعِبادُ الرَّحْمنِ) [الفرقان : ٦٣] كما تقدم على أرجح الوجهين.
و (الْغُرْفَةَ) : البيت المعتلي يصعد إليه بدرج وهو أعزّ منزلا من البيت الأرضي. والتعريف في الغرفة تعريف الجنس فيستوي فيه المفرد والجمع مثل قوله تعالى : (وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ) [الحديد : ٢٥] فالمعنى : يجزون الغرف ، أي من الجنة ، قال تعالى : (وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ) [سبأ : ٣٧].
والباء للسببية. و (ما) مصدرية في قوله : (بِما صَبَرُوا) ، أي بصبرهم وهو صبرهم على ما لقوا من المشركين من أذى ، وصبرهم على كبح شهواتهم لأجل إقامة شرائع الإسلام ، وصبرهم على مشقة الطاعات.
وقرأ الجمهور : (وَيُلَقَّوْنَ) بضم الياء وفتح اللام وتشديد القاف المفتوحة مضارع