بسم الله الرّحمن الرّحيم
٢٦ ـ سورة الشعراء
اشتهرت عند السلف بسورة الشعراء ؛ لأنها تفردت من بين سورة القرآن بذكر كلمة الشعراء. وكذلك جاءت تسميتها في كتب السنة. وتسمى أيضا سورة طسم.
وفي «أحكام ابن العربي» أنها تسمى أيضا الجامعة ، ونسبه ابن كثير والسيوطي في «الإتقان» إلى تفسير مالك المروي عنه (١). ولم يظهر وجه وصفها بهذا الوصف. ولعلها أول سورة جمعت ذكر الرسل أصحاب الشرائع المعلومة إلى الرسالة المحمدية.
وهي مكية ، فقيل جميعها مكي ، وهو المروي عن ابن الزبير. ورواية عن ابن عباس ونسبه ابن عطية إلى الجمهور. وروي عن ابن عباس أن قوله تعالى : (وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ) [الشعراء : ٢٢٤] إلى آخر السورة نزل بالمدينة لذكر شعراء رسول اللهصلىاللهعليهوسلم حسّان بن ثابت وابن رواحة وكعب بن مالك وهم المعنيّ بقوله : (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) [الشعراء : ٢٢٧] الآية. ولعل هذه الآية هي التي أقدمت هؤلاء على القول بأن تلك الآيات مدنية. وعن الداني قال : نزلت (وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ) [الشعراء : ٢٢٤] في شاعرين تهاجيا في الجاهلية.
وأقول : كان شعراء بمكة يهجون النبي صلىاللهعليهوسلم منهم النضر بن الحارث ، والعوراء بنت حرب زوج أبي لهب ونحوهما ، وهم المراد بآيات (وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ). وكان شعراء المدينة قد أسلموا قبل الهجرة ، وكان في مكة شعراء مسلمون من الذين هاجروا إلى الحبشة كما سيأتي.
وعن مقاتل : أن قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ)
__________________
(١) تفسير مالك بن أنس ، ذكره عياض في «المدارك» والداودي في «طبقات المفسرين».