للملحد : قرر شبهتك ، وهو يريد أن يدحضها له. وهذا عضد الدين في كتاب «المواقف» يذكر شبه أهل الزيغ والضلال قبل ذكر الأدلة الناقضة لها. وتقدم الإلقاء آنفا. وذكر هنا مفعول (أَلْقُوا) واختصر في سورة الأعراف.
وفي كلام موسى عليهالسلام استخفاف بما سيلقونه لأنه عبر عنه بصيغة العموم ، أي ما تستطيعون إلقاءه. وتقدم الكلام على الحبال والعصيّ في السحر عند الكلام على مثل هذه القصة في سورة طه.
وقرنت حكاية قول السحرة بالواو خلافا للحكايات التي سبقتها لأن هذا قول لم يقصد به المحاورة وإنما هو قول ابتدءوا به عند الشروع في السحر استعانة وتيمّنا بعزة فرعون. فالباء في قولهم (بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ) كالباء في «بسم الله» أرادوا التيمن بقدرة فرعون ، قاله ابن عطية.
وقيل الباء للقسم : أقسموا بعزة فرعون على أنهم يغلبون ثقة منهم باعتقاد ضلالهم أن إرادة فرعون لا يغلبها أحد لأنها إرادة آلهتهم. وهذا الذي نحاه المفسرون ، والوجه الأول أحسن لأن الجملتين على مقتضاه تفيدان فائدتين.
والعزّة : القدرة ، وتقدم في قوله (أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ) في سورة البقرة [٢٠٦].
وجملة : (إِنَّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ) استئناف إنشاء عن قولهم : (بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ) : كأن السامع وهو موسى أو غيره يقول في نفسه : ما ذا يؤثر قولهم (بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ)؟ فيقولون : (إِنَّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ) ، وأرادوا بذلك إلقاء الخوف في نفس موسى ليكون ما سيلقيه في نوبته عن خور نفس لأنهم يعلمون أن العزيمة من أكبر أسباب نجاح السحر وتأثيره على الناظرين. وقد أفادت جملة : (إِنَّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ) بما فيها من المؤكدات مفاد القسم.
(فَأَلْقى مُوسى عَصاهُ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ (٤٥))
تقدم قريب منه في سورة الأعراف وفي سورة طه.
[٤٦ ـ ٤٩] (فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ (٤٦) قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ (٤٧) رَبِّ مُوسى وَهارُونَ (٤٨) قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (٤٩))