قصد فرعون إرهابهم بهذا الوعيد لعلهم يرجعون عن الإيمان بالله. ونظير أول هذه الآية تقدم في سورة الأعراف ، ونظير آخرها تقدم فيها وفي سورة طه. وهنالك ذكرنا عدد السحرة وكيف آمنوا. واللام في (فَلَسَوْفَ) لام القسم.
[٥٠ ، ٥١] (قالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ (٥٠) إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ (٥١))
الضّير : مرادف الضرّ ، يقال : ضاره بتخفيف الراء يضيره ، ومعنى (لا ضَيْرَ) لا يضرنا وعيدك. ومعنى نفي ضره هنا : أنه ضر لحظة يحصل عقبه النعيم الدائم فهو بالنسبة لما تعقبه بمنزلة العدم. وهذه طريقة في النفي إذا قامت عليها قرينة. ومنها قولهم : هذا ليس بشيء ، أي ليس بموجود ، وإنما المقصود أن وجوده كالعدم.
وجملة : (إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ) تعليل لنفي الضير ، وهي القرينة على المراد من النفي.
والانقلاب : الرجوع ، وتقدم في سورة الأعراف.
وجملة : (إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا) بيان للمقصود من جملة : (إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ). والطمع : يطلق على الظن الضعيف ، وعرّف بطلب ما فيه عسر. ويطلق ويراد به الظن كما في قول إبراهيم (وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ) [الشعراء : ٨٢] ، فهذا الإطلاق تأدّب مع الله لأنه يفعل ما يريد. وعلّلوا ذلك الطمع بأنهم كانوا أول المؤمنين بالله بتصديق موسى عليهالسلام ، وفي هذا دلالة على رسوخ إيمانهم بالله ووعده.
(وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (٥٢))
هذه قصة أخرى من أحوال موسى في دعوة فرعون ، فالواو لعطف القصة ولا تفيد قرب القصة من القصة ، فقد لبث موسى زمنا يطالب فرعون بإطلاق بني إسرائيل ليخرجوا من مصر ، وفرعون يماطل في ذلك حتى رأى الآيات التسع كما تقدم في سورة الأعراف. ونظير بعض هذه الآية تقدم في سورة طه. وزادت هذه بقوله : (إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ) ، أي أعلم الله موسى أن فرعون سيتبعهم بجنده كما في آية سورة طه. والقصد من إعلامه بذلك تشجيعه.
وقرأ نافع وابن كثير وأبو جعفر (أَسْرِ) بهمزة وصل فعل أمر من (سرى) وبكسر نون