وضمير (عَلَيْهِمْ) عائد إلى معلوم من السياق كما تقدم في قوله أول السورة (أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) [الشعراء : ٣].
والتلاوة : القراءة. وتقدم في قوله : (ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ) في البقرة [١٠٢].
و (نَبَأَ إِبْراهِيمَ) : قصته المذكورة هنا ، أي اقرأ عليهم ما ينزل عليك الآن من نبأ إبراهيم. وإنما أمر الرسول صلىاللهعليهوسلم بتلاوته للإشارة إلى أن الكلام المتضمن نبأ إبراهيم هو آية معجزة ، وما تضمنته من دليل العقل على انتفاء إلهية الأصنام التي هي كأصنام العرب آية أيضا. فحصل من مجموع ذلك آيتان دالّتان على صدق الرسول. وتقدم ذكر إبراهيم عند قوله تعالى : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ) في البقرة [١٢٤].
و (إِذْ قالَ) ظرف ، أي حين قال. والجملة بيان للنبإ ، لأن الخبر عن قصة مضت فناسب أن تبيّن باسم زمان مضاف إلى ما يفيد القصة. وقد تقدم نظيره في قوله تعالى : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ) الآية في سورة يونس [٧١].
و (ما) اسم استفهام يسأل به عن تعيين الجنس كما تقدم في قوله : (وَما رَبُّ الْعالَمِينَ) في هذه السورة [٢٣]. والاستفهام صوري فإن إبراهيم يعلم أنهم يعبدون أصناما ولكنه أراد بالاستفهام افتتاح المجادلة معهم فألقى عليهم هذا السؤال ليكونوا هم المبتدئين بشرح حقيقة عبادتهم ومعبوداتهم ، فتلوح لهم من خلال شرح ذلك لوائح ما فيه من فساد ، لأن الذي يتصدّى لشرح الباطل يشعر بما فيه من بطلان عند نظم معانيه أكثر مما يشعر بذلك من يسمعه ، ولأنه يعلم أن جوابهم ينشأ عنه ما يريده من الاحتجاج على فساد دينهم وقد أجابوا استفهامه بتعيين نوع معبوداتهم.
وأدخل أباه في إلقاء السؤال عليهم : إمّا لأنه كان حاضرا في مجلس قومه إذ كان سادن بيت الأصنام كما روي ، وإمّا لأنه سأله على انفراد وسأل قومه مرة أخرى فجمعت الآية حكاية ذلك.
والأظهر أن إبراهيم ابتدأ بمحاجّة أبيه في خاصتهما ثم انتقل إلى محاجّة قومه ، وأن هذه هي المحاجّة الأولى في ملإ أبيه وقومه ؛ ألقى فيها دعوته في صورة سؤال استفسار غير إنكار استنزالا لطائر نفورهم ، وأما قوله في الآية الأخرى (إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما ذا تَعْبُدُونَ أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللهِ تُرِيدُونَ) [الصافات ٨٥ ، ٨٦] فذلك مقام آخر له في قومه كان بعد الدعوة الأولى المحكية في سورة الصافات. ولأجل ذلك كان الاستفهام مقترنا بما يقتضي