إذا كان للآدمي مثل نفر ورهط ، فأما إذا كان لغير الآدميين نحو إبل فمؤنث لا غير. قاله الجوهري وتبعه صاحب «اللسان» و «المصباح».
ووقع في «الكشاف» هذه العبارة «القوم مؤنثة وتصغيرها قويمة» فظاهر عبارته أن هذا اللفظ مؤنث المعنى في الاستعمال لا غير ، وهذا لم يقله غيره وسكت شراحه عليه ولم يعرج الزمخشري عليه في «الأساس» فإن حمل على ظاهر العبارة فهو مخالف لكلام الجوهري وابن سيده. ويحتمل أنه أراد جواز تأنيث (قوم) وأنه يجوز أن يصغر على قويمة فيجمع بين كلامه وكلام الجوهري وابن سيده ، وهو احتمال بعيد من ظاهر كلامه الموكّد بقوله : وتصغيره قويمة ، لما هو مقرر من أن التصغير يرد الأسماء إلى أصولها. وأيّا ما كان فهو صريح في أن تأنيثه ليس بتأويله بمعنى الأمة لأن التأويل اعتبار للمتكلم فلا يكون له أثر في إجراء الصيغ مثل التصغير ، فإن الصيغ من آثار الوضع دون الاستعمال ، ألا ترى أنه لا تجعل للمعاني المجازية صيغ خاصة بالمجاز.
وجمع (الْمُرْسَلِينَ) وإنما كذّبوا رسولا واحدا أول الرسل ولم يكن قبله رسول وهم أول المكذّبين ، فإنما جمع لأن تكذيبهم لم يكن لأجل ذاته ولكنه كان لإحالتهم أن يرسل الله بشرا ، وأن تكون عبادة أصنامهم ضلالا فكان تكذيبهم إياه مقتضيا تكذيب كل رسول لأن كل رسول يقول مثل ما قاله نوح عليهالسلام ، ولذلك تكرر في قوله : (كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ) [الشعراء : ١٢٣] وما بعده. وقد حكي تكذيبهم أن يكون الرسول بشرا في قوله : (أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ) في الأعراف [٦٣].
وسيأتي حكاية تكذيب عاد وثمود وقوم لوط وأصحاب ليكة على هذا النمط فيما تكرر من قوله : (كَذَّبَتْ) وقوله : (الْمُرْسَلِينَ).
و (إِذْ قالَ) ظرف ، أي كذبوه حين قال لهم (أَلا تَتَّقُونَ) فقالوا : (أَنُؤْمِنُ لَكَ) [الشعراء : ١١١]. ويظهر أن قوله : (أَلا تَتَّقُونَ) صدر بعد أن دعاهم من قبل وكرّر دعوتهم إذ رآهم مصرّين على الكفر ويدل لذلك قولهم في مجاوبته (وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ) [الشعراء : ١١١].
وخص بالذكر في هذه السورة هذا الموقف من مواقفه لأنه أنسب بغرض السورة في تسلية الرسول صلىاللهعليهوسلم بذكر مماثل حاله مع قومه. والأخ مستعمل في معنى القريب من القبيلة. وقد تقدم في قوله تعالى : (وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً) في سورة الأعراف [٦٥].
وقوله : (أَلا تَتَّقُونَ) يجوز أن يكون لفظ (أَلا) مركبا من حرفين همزة استفهام دخلت على (لا) النافية ، فهو استفهام عن انتفاء تقواهم مستعمل في الإنكار وهو يقتضي