وحذفت الياء من (أَطِيعُونِ) في الموضعين كما حذفت في قوله : (فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ) [الشعراء : ١٤] في أوائل السورة.
وفي قوله : (إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ) إشارة إلى يوم الجزاء وكانوا ينكرون البعث كما دل عليه قوله في سورة نوح [١٧ ، ١٨] (وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً). وتقدم ذكر نوح عند قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً) في آل عمران [٣٣].
[١١١ ـ ١١٥] (قالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ (١١١) قالَ وَما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١١٢) إِنْ حِسابُهُمْ إِلاَّ عَلى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ (١١٣) وَما أَنَا بِطارِدِ الْمُؤْمِنِينَ (١١٤) إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (١١٥))
جملة : (قالُوا) استئناف بياني لما يثيره قوله : (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ) [الشعراء : ١٠٥] من استشراف السامع لمعرفة ما دار بينهم وبين نوح من حوار ، ولذلك حكيت مجادلتهم بطريقة : قالوا ، وقال. والقائلون : هم كبراء القوم الذين تصدّوا لمحاورة نوح.
والاستفهام في (أَنُؤْمِنُ) استفهام إنكاري ، أي لا نؤمن لك وقد اتّبعك الأرذلون فجملة : (وَاتَّبَعَكَ) حالية.
و (الْأَرْذَلُونَ) : سقط القوم موصوفون بالرذالة وهي الخسّة والحقارة ، أرادوا بهم ضعفاء القوم وفقراءهم فتكبروا وتعاظموا أن يكونوا والضعفاء سواء في اتّباع نوح. وهذا كما قال عظماء المشركين للنبي صلىاللهعليهوسلم لما كان من المؤمنين عمّار وبلال وزيد بن حارثة : أنحن نكون تبعا لهؤلاء أطردهم عنك فلعلك إن طردتهم أن نتبعك. فأنزل الله تعالى : (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) الآيات من سورة الأنعام [٥٢].
وقرأ الجمهور : (وَاتَّبَعَكَ) بهمزة وصل وتشديد التاء الفوقية على أنه فعل مضي من صيغة الافتعال. والمعنى : أنهم كانوا من أتباعه أو كانوا أكثر أتباعه. وقرأ يعقوب وأتباعك بهمزة قطع وسكون الفوقية وألف بعد الموحدة على أنه جمع تابع. والمعنى : أنهم أتباعه لا غيرهم فالصيغة صيغة قصر.
وجواب نوح عن كلام قومه يحتاج إلى تدقيق في لفظه ومعناه. فأما لفظه فاقتران