والكنز تقدم في قوله تعالى : (أَنْ يَقُولُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ) في سورة هود [١٢]. وجعلوا إعطاء جنة له علامة على النبوءة لأن وجود الجنة في مكة خارق للعادة.
وقرأ الجمهور : (يَأْكُلُ مِنْها) بياء الغائب ، والضمير المستتر عائد إلى هذا الرسول.
وقرأ حمزة والكسائي وخلف (نَأْكُلَ مِنْها) بنون الجماعة. والمعنى : ليتيقنوا أن ثمرها حقيقة لا سحر.
ذكر أصحاب السير أن هذه المقالة صدرت من كبراء المشركين وفي مجلس لهم مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم جمع عتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، وأبا سفيان بن حرب ، وأبا البختري ، والأسود بن عبد المطلب ، وزمعة بن الأسود ، والوليد بن المغيرة ، وأبا جهل بن هشام ، وأمية بن خلف ، وعبد الله بن أبي أمية ، والعاصي بن وائل ، ونبيه بن الحجاج ومنبه بن الحجاج ، والنضر بن الحارث ، وأن هذه الأشياء التي ذكروها تداولها أهل المجلس إذ لم يعين أهل السير قائلها.
قال ابن عطية : وأشاعوا ذلك في الناس فنزلت هذه الآية في ذلك. وقد تقدم شيء من هذا في سورة الإسراء.
وكتبت لام (ما لِهذَا) منفصلة عن اسم الإشارة الذي بعدها في المصحف الإمام فاتبعته المصاحف لأن رسم المصحف سنة فيه ، كما كتب (ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً) في سورة الكهف [٤٩] ، وكما كتب : (فَما لِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ) في سورة سأل سائل [٣٦] ، وكما كتب : (فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ) في سورة النساء [٧٨]. ولعل وجه هذا الانفصال أنه طريقة رسم قديم كانت الحروف تكتب منفصلا بعضها عن بعض ولا سيما حروف المعاني فعاملوا ما كان على حرف واحد معاملة ما كان على حرفين فبقيت على يد أحد كتّاب المصحف أثارة من ذلك ، وأصل حروف الهجاء كلها الانفصال ، وكذلك هي في الخطوط القديمة للعرب وغيرهم. وكان وصل حروف الكلمة الواحدة تحسينا للرسم وتسهيلا لتبادر المعنى ، وأما ما كان من كلمتين فوصله اصطلاح. وأكثر ما وصلوا منه هو الكلمة الموضوعة على حرف واحد مثل حروف القسم أو كالواحد مثل (ال).
(وَقالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا