وفرعوا على تكذيبه المطالبة بأن يأتي بآية على صدقه ، أي أن يأتي بخارق عادة يدل على أن الله صدقه في دعوى الرسالة عنه. وفرضوا صدقه بحرف (إِنْ) الشرطية الغالب استعمالها في الشّك.
ومعنى (مِنَ الصَّادِقِينَ) من الفئة المعروفين بالصدق يعنون بذلك الرسل الصادقين لدلالته على تمكن الصدق منه ، كما تقدم في قوله : (مِنَ الْمَرْجُومِينَ) [الشعراء : ١١٦].
[١٥٥ ـ ١٥٩] (قالَ هذِهِ ناقَةٌ لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (١٥٥) وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥٦) فَعَقَرُوها فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ (١٥٧) فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٥٨) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٥٩))
اسم الإشارة إلى ناقة جعلها لهم آية. وتقدم خبر هذه الناقة في سورة هود ، وذكر أن صالحا جعل لها شربا ، وهو بكسر الشين وسكون الراء : النوبة في الماء ، للناقة يوما تشرب فيه لا يزاحمونها فيه بأنعامهم. والكلام على (عَذابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ) نظير الكلام على نظيره في قصة عاد ورسولهم.
وأصبحوا نادمين لما رأوا أشراط العذاب الذي توعدهم به صالح ولذلك لم ينفعهم الندم لأن العذاب قد حلّ بهم سريعا ، فلذلك عطف بفاء التعقيب على (نادِمِينَ فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ).
وتقدم نظير قوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً) الآية.
[١٦٠ ـ ١٦٤] (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (١٦٠) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٦١) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٦٢) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١٦٣) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٦٤))
القول في موقعها كالقول في سابقتها ، والقول في تفسيرها كالقول في نظيرتها.
وجعل لوط أخا لقومه ولم يكن من نسبهم وإنما كان نزيلا فيهم ، إذ كان قوم لوط من أهل فلسطين من الكنعانيين ، وكان لوط عبرانيا وهو ابن أخي إبراهيم ولكنه لما استوطن بلادهم وعاشر فيهم وحالفهم وظاهرهم جعل أخا لهم كقول سحيم عبد بني الحسحاس :