أخوكم ومولى خيركم وحليفكم |
|
ومن قد ثوى فيكم وعاشركم دهرا |
يعني نفسه يخاطب مواليه بني الحسحاس. وقال تعالى في الآية الأخرى (وَإِخْوانُ لُوطٍ) [ق : ١٣]. وهذا من إطلاق الأخوّة على ملازمة الشيء وممارسته كما قال :
أخور الحرب لباسا إليها جلالها |
|
إذا عدموا زادا فإنك عاقر |
وقوله تعالى : (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ) [الإسراء : ٢٧].
[١٦٥ ، ١٦٦] (أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ (١٦٥) وَتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ (١٦٦))
هو في الاستئناف كقوله (أَتُتْرَكُونَ) [الشعراء : ١٤٦] في قصة ثمود. والإتيان: كناية. والذكران : جمع ذكر وهو ضد الأنثى. وقوله : (مِنَ الْعالَمِينَ) الأظهر فيه أنه في موضع الحال من الواو في (أَتَأْتُونَ). و (مِنَ) فصلية ، أي تفيد معنى الفصل بين متخالفين بحيث لا يماثل أحدهما الآخر. فالمعنى : مفصولين من العالمين لا يماثلكم في ذلك صنف من العالمين. وهذا المعنى جوزه في «الكشاف» ثانيا وهو أوفق بمعنى : (الْعالَمِينَ) الذي المختار فيه أنه جمع (عالم) بمعنى النوع من المخلوقات كما تقدم في سورة الفاتحة.
وإثبات معنى الفصل لحرف (مِنَ) قاله ابن مالك ، ومثّل بقوله تعالى : (وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) [البقرة : ٢٢٠] ، وقوله : (لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) [الأنفال : ٣٧]. ونظر فيه ابن هشام في «مغني اللبيب» وهو معنى رشيق متوسط بين معنى الابتداء ومعنى البدلية وليس أحدهما. وقد تقدم بيانه عند قوله تعالى (وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) في سورة البقرة [٢٢٠].
والمعنى : أتأتون الذكران مخالفين جميع العالمين من الأنواع التي فيها ذكور وإناث فإنها لا يوجد فيها ما يأتي الذكور.
فهذا تنبيه على أن هذا الفعل الفظيع مخالف للفطرة لا يقع من الحيوان العجم فهو عمل ابتدعوه ما فعله غيرهم ، ونحوه قوله تعالى في الآية الأخرى (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ) [العنكبوت : ٢٨].
والمراد بالأزواج : الإناث من نوع ، وإطلاق اسم الأزواج عليهن مجاز مرسل بعلاقة الأول ، ففي هذا المجاز تعريض بأنه يرجو ارعواءهم.