[١٩٠ ، ١٩١] (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٩٠) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٩١))
أي في ذلك آية لكفار قريش إذ كان حالهم كحال أصحاب ليكة فقد كانوا من المطففين مع الإشراك قال تعالى : (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) إلى قوله : (لِيَوْمٍ عَظِيمٍ) [المطففين : ١ ـ ٥]. وقد تقدم القول في نظائره. وقد ذكرنا في طالعة هذه السورة [٨] وجه تكرير آية (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً).
[١٩٢ ـ ١٩٥] (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (١٩٥))
عود إلى ما افتتحت به السورة من التنويه بالقرآن وكونه الآية العظمى بما اقتضاه قوله : (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) [الشعراء : ٢] كما تقدم لتختتم السورة بإطناب التنويه بالقرآن كما ابتدئت بإجمال التنويه به ، والتنبيه على أنه أعظم آية اختارها الله أن تكون معجزة أفضل المرسلين. فضمير (وَإِنَّهُ) عائد إلى معلوم من المقام بعد ذكر آيات الرسل الأولين. فبواو العطف اتصلت الجملة بالجمل التي قبلها ، وبضمير القرآن اتصل غرضها بغرض صدر السورة.
فجملة : (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ) معطوفة على الجمل التي قبلها المحكية فيها أخبار الرسل المماثلة أحوال أقوامهم لحال قوم محمد صلىاللهعليهوسلم وما أيدهم الله به من الآيات ليعلم أن القرآن هو آية الله لهذه الأمة ، فعطفها على الجمل التي مثلها عطف القصة على القصة لتلك المناسبة. ولكن هذه الجملة متصلة في المعنى بجملة : (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) [الشعراء : ٢] بحيث لو لا ما فصل بينها وبين الأخرى من طول الكلام لكانت معطوفة عليها. ووجه الخطاب إلى النبي صلىاللهعليهوسلم لأن في التنويه بالقرآن تسلية له على ما يلاقيه من إعراض الكافرين عن قبوله وطاعتهم فيه.
والتأكيد ب (إنّ) ولام الابتداء لرد إنكار المنكرين.
والتنزيل مصدر بمعنى المفعول للمبالغة في الوصف حتى كأنّ المنزّل نفس التنزيل. وجملة: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ) بيان (لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ) ، أي كان تنزيله على هذه الكيفية.