بمثل تلك العاقبة.
و (كَيْفَ) يجوز أن يكون مجرّدا عن معنى الاستفهام منصوبا على المفعولية ، ويجوز أن يكون استفهاما معلّقا فعل النظر عن العمل ، والاستفهام حينئذ للتعجيب.
(وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (١٥))
كما كان في قصة موسى وإرساله إلى فرعون آيات عبرة ومثل للذين جحدوا برسالة محمد صلىاللهعليهوسلم كذلك في قصة سليمان وملكة سبأ وما رأته من آياته وإيمانها به مثل لعلم النبيصلىاللهعليهوسلم وإظهار لفضيلة ملكة سبأ إذ لم يصدها ملكها عن الاعتراف بآيات سليمان فآمنت به ، وفي ذلك مثل للذين اهتدوا من المؤمنين.
وتقديم ذكر داود ليبنى عليه ذكر سليمان إذ كان ملكه ورثه من أبيه داود. ولأن في ذكر داود مثل لإفاضة الحكمة على من لم يكن متصديا لها. وما كان من أهل العلم بالكتاب أيام كان فيهم أحبار وعلماء ؛ فقد كان داود راعيا غنم أبيه (يسّي) في بيت لحم فأمر الله شمويل النبي أن يجعل داود نبيئا في مدة ملك طالوت (شاول). فما كان عجب في نبوءة محمد الأمي بين الأميين ليعلم المشركون أن الله أعطى الحكمة والنبوءة محمدا صلىاللهعليهوسلم ، ولم يكن يعلم ذلك من قبل ولكن في قومه من يعلم ذلك كما قال تعالى : (ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا) [هود : ٤٩] ، فهذه القصة تتصل بقوله تعالى : (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ) [النمل : ٦].
فيصح أن تكون جملة : (وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ) معطوفا على (إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ) [النمل : ٧] إذا جعلنا (إذ) مفعولا لفعل (اذكر) محذوف.
ويصح أن تكون الواو للاستئناف فالجملة مستأنفة. ومناسبة الذكر ظاهرة. وبعد ففي كل قصة من قصص القرآن علم وعبرة وأسوة.
وافتتاح الجملة بلام القسم وحرف التحقيق لتنزيل المخاطبين به منزلة من يتردد في ذلك لأنهم جحدوا نبوءة مثل داود وسليمان إذ قالوا : (لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) [سبأ : ٣١].
وتنكير (عِلْماً) للتعظيم لأنه علم بنبوة وحكمة كقوله في صاحب موسى (وَعَلَّمْناهُ