فينتهون ، فقد سخر الله له الرعية كلها.
والفاء للتفريع على معنى حشر لأن الحشر إنما يراد لذلك.
وفي الآية إشارة إلى أن جمع الجنود وتدريبها من واجبات الملوك ليكون الجنود متعهدين لأحوالهم وحاجاتهم ليشعروا بما ينقصهم ويتذكروا ما قد ينسونه عند تشوش الأذهان عند القتال وعند النفير.
[١٨ ، ١٩] (حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (١٨) فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها وَقالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ (١٩))
(حَتَّى) ابتدائية ، ومعنى الغاية لا يفارقها ، ولكنها مع الابتدائية غاية غير نهاية.
و (إِذا) ظرف زمان بمعنى حين ، وهو يقتضي فعلين بعده يشبهان فعلي الشرط وجوابه لأن (إِذا) مضمّنة معنى الشرط ، و (إِذا) معمول لفعل جوابه ، وأما فعل شرطه فهو جملة مضاف إليها (إِذا). والتقدير : حتى قالت نملة حين أتوا على واد النمل. وواد النمل يجوز أن يكون مرادا به الجنس لأن للنمل شقوقا ومسالك هي بالنسبة إليها كالأودية للساكنين من الناس ، ويجوز أن يراد به مكان مشتهر بالنمل غلب عليه هذا المضاف كما سمي وادي السباع موضع معلوم بين البصرة ومكة. قيل : واد النمل في جهة الطائف ، وقيل غير ذلك ، وكله غير ظاهر من سياق الآية.
و (النَّمْلِ) : اسم جنس لحشرات صغيرة ذات ست أرجل تسكن في شقوق من الأرض. وهي أصناف متفاوتة في الحجم ، والواحد منه نملة بتاء الوحدة ، فكلمة نملة لا تدل إلا على فرد واحد من هذا النوع دون دلالة على تذكير ولا تأنيث فقوله : (نَمْلَةٌ) مفاده : قال واحد من هذا النوع.
واقتران فعله بتاء التأنيث جرى على مراعاة صورة لفظه لشبه هائه بهاء التأنيث وإنما هي علامة الوحدة ، والعرب لا يقولون : مشى شاة ، إذا كان الماشي فحلا من الغنم ، وإنما يقولون : مشت شاة ، وطارت حمامة ، فلو كان ذلك الفرد ذكرا وكان مما يفرق بين ذكره وأنثاه في أغراض الناس وأرادوا بيان كونه ذكرا قالوا : طارت حمامة ذكر ، ولا