كلّها يلقب تبّع لأنه متبوع بأمراء كثيرين.
وقد انفردت سبأ بالملك في حدود القرن السابع عشر قبل الهجرة وكان أشهر ملوكهم أو أولهم الهدهاد بن شرحبيل ويلقب اليشرّح (بفتح التحتية وفتح الشين المعجمة وفتح الراء مشددة وبحاء مهملة في آخره). ثم وليت بعده بلقيس ابنة شرحبيل أيضا أو شراحيل ولم تكن ذات زوج فيما يظهر من سياق القرآن. وقيل كانت متزوجة شدد بن زرعة ، فإن صح ذلك فلعله لم تطل مدته فمات. وكان أهل سبأ صابئة يعبدون الشمس. وبقية ذكر حضارتهم تأتي في تفسير سورة سبأ.
و (أَحَطْتُ) يقرأ بطاء مشددة لأنه التقاء طاء الكلمة وتاء المتكلم فقلبت هذه التاء طاء وأدغمتا.
والباء في قوله : (بِنَبَإٍ) للمصاحبة لأن النبأ كان مصاحبا للهدهد حين مجيئه ، والنبأ : الخبر المهم.
وبين ب (سَبَإٍ) و (بِنَبَإٍ) الجناس المزدوج. وفيه أيضا جناس الخط وهو أن تكون صورة الكلمتين واحدة في الخط وإنما تختلفان في النطق. ومنه قوله تعالى : (وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ* وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) [الشعراء : ٧٩ ، ٨٠].
ووصفه ب (يَقِينٍ) تحقيق لكون ما سيلقى إليه شيء محقق لا شبهة فيه فوصف بالمصدر للمبالغة.
وجملة : (إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً) بيان لنبأ فلذلك لم تعطف. وإدخال (إنّ) في صدر هذه الجملة لأهمية الخبر إذ لم يكن معهودا في بني إسرائيل أن تكون المرأة ملكا.
وفعل (تَمْلِكُهُمْ) هنا مشتق من الملك بضم الميم وفعله كفعل ملك الأشياء. وروي حديث هرقل «هل كان في آبائه من ملك» بفتح اللام ، أي كان ملكا ، ويفرق بين الفعلين بالمصدر فمصدر هذا ملك بضم الميم ، والآخر بكسرها ، وضمير الجمع راجع إلى سبأ.
وهذه المرأة أريد بها بلقيس (بكسر الموحدة وسكون اللام وكسر القاف) ابنة شراحيل وفي ترتيبها مع ملوك سبأ وتعيين اسمها واسم أبيها اضطراب للمؤرخين. والموثوق به أنها كانت معاصرة سليمان في أوائل القرن السابع عشر قبل الهجرة وكانت امرأة عاقلة. ويقال : هي التي بنت سدّ مأرب. وكانت حاضرة ملكها مأرب مدينة عظيمة باليمن بينها وبين صنعاء مسيرة ثلاث مراحل وسيأتي ذكرها في سورة سبأ.