يثيره الاستفهام في قوله : (كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ) من سؤال عن هذه الكيفية. والتأكيد للاهتمام بالخبر. وقرأه عاصم والكسائي ويعقوب وخلف بفتح الهمزة فيكون المصدر بدلا من (عاقِبَةُ). والتأكيد أيضا للاهتمام.
وضمير الغيبة في (دَمَّرْناهُمْ) للرهط. وعطف قومهم عليهم لموافقة الجزاء للمجزيّ عليه لأنهم مكروا بصالح وأهله فدمّرهم الله وقومهم.
والتدمير : الإهلاك الشديد ، وتقدم غير مرة منها في سورة الشعراء.
والقصة تقدمت. وتقدم إنجاء صالح والذين آمنوا معه وذلك أن الله أوحى إليه أن يخرج ومن معه إلى أرض فلسطين حين أنذر قومه بتمتع ثلاثة أيام.
وتفريع قوله : (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً) على جملة : (دَمَّرْناهُمْ) لتفريع الإخبار. والإشارة منصرفة إلى معلوم غير مشاهد لأن تحققه يقوم مقام حضوره فإن ديار ثمود معلومة لجميع قريش وهي في طريقهم في ممرّهم إلى الشام.
وانتصب (خاوِيَةً) على الحال. وعاملها ما في اسم الإشارة من معنى الفعل كقوله تعالى : (وَهذا بَعْلِي شَيْخاً) وقد تقدم في سورة هود [٧٢].
والخاوية : الخالية ، ومصدره الخواء ، أي فالبيوت باق بعضها في الجبال لا ساكن بها.
والباء في (بِما ظَلَمُوا) للسببية ، و (ما) مصدرية ، أي كان خواؤها بسبب ظلمهم.
والظلم : الشرك وتكذيب رسولهم ، فذلك ظلم في جانب الله لأنه اعتداء على حق وحدانيته ، وظلم للرسول بتكذيبه وهو الصادق.
ولما خص الله عملهم بوصف الظلم من بين عدة أحوال يشتمل عليها كفرهم كالفساد كان ذلك إشارة إلى أن للظلم أثرا في خراب بلادهم. وهذا معنى ما روي عن ابن عباس أنه قال : أجد في كتاب الله أن الظلم يخرّب البيوت وتلا : (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا). وهذا من أسلوب أخذ كل ما يحتمل من معاني الكلام في القرآن كما ذكرناه في المقدمة التاسعة من مقدمات هذا التفسير.
ونزيده هنا ما لم يسبق لنا في نظائره ، وهو أن الحقائق العقلية لما كان قوام ماهياتها حاصلا في الوجود الذهني كان بين كثير منها انتساب وتقارب يردّ بعضها إلى بعض