[٥٤ ، ٥٥] (وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (٥٤) أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (٥٥))
عطف (لُوطاً) على (صالِحاً) في قوله السابق (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً) [النمل : ٤٥]. ولا يمنع من العطف أن العامل في المعطوف تعلق به قوله : (إِلى ثَمُودَ) لأن المجرور ليس قيدا لمتعلّقه ، ولكنه كواحد من المفاعيل فلا ارتباط له بالمعطوف على مفعول آخر. فإن الاتباع في الإعراب يميز المعطوف عليه من غيره. وقد سبق نظير هذا في سورة الأعراف. ولم يذكر المرسل إليهم هنا كما ذكر في قصة ثمود لعدم تمام المشابهة بين قوم لوط وبين قريش فيما عدا التكذيب والشرك. ويجوز أن ينصب (وَلُوطاً) بفعل مقدّر تقديره : واذكر لوطا ، لأن وجود (إِذْ) بعده يقربه من نحو : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ) [البقرة : ٣٠].
وتعقيب قصة ثمود بقصة قوم لوط جار على معتاد القرآن في ترتيب قصص هذه الأمم ، فإن قوم لوط كانوا متأخرين في الزمن عن ثمود.
وإنما الذي يستثير سؤالا هنا هو الاقتصار على قصة قوم لوط دون قصة عاد وقصة مدين. وقد بينته آنفا أنه لمناسبة مجاورة ديار قوم لوط لمملكة سليمان ووقوعها بين ديار ثمود وبين فلسطين وكانت ديارهم ممرّ قريش إلى بلاد الشام ، قال تعالى (وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ) [الحجر : ٧٦] وقال (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) [الصافات: ١٣٧ ، ١٣٨].
وظرف (إِذْ) يتعلق ب (أرسلنا) أو ب (اذكر) المقدّرين. والاستفهام في (أَتَأْتُونَ) إنكاري.
وجملة : (وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) حال زيادة في التشنيع ، أي تفعلون ذلك علنا يبصر بعضكم بعضا ، فإن التجاهر بالمعصية معصية لأنه يدل على استحسانها وذلك استخفاف بالنواهي.
وقوله : (أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ) تقدم في الأعراف [٨١] (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ) ، فهنا جيء بالاستفهام الإنكاري ، وما في الأعراف جاء الخبر المستعمل في الإنكار ، فيجوز أن يكون اختلاف الحكاية لاختلاف المحكي بأن يكون لوط قد قال لهم المقالتين في مقامين