مختلفين. ويجوز أن يكون اختلاف الحكاية تفننا مع اتحاد المعنى. وكلا الأسلوبين يقع في قصص القرآن ، لأن في تغيير الأسلوب تجديدا لنشاط السامع.
على أن ابن كثير وأبا عمرو وابن عامر وحمزة وأبا بكر عن عاصم قرءوا ما في سورة الأعراف بهمزتين فاستوت الآيتان على قراءة هؤلاء. وقد تقدمت وجوه ذلك في سورة الأعراف.
ووقع في الأعراف [٨٠] (أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ) ولم يذكر هنا لأن ما يجري في القصة لا يلزم ذكر جميعه. وكذلك القول في عدم ذكر (وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) في سورة الأعراف مع ذكره هنا.
ونظير بقية الآية تقدم في سورة الأعراف ، إلّا أن الواقع هنا (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) ، فوصفهم بالجهالة وهي اسم جامع لأحوال أفن الرأي وقساوة القلب.
وفي الأعراف وصفهم بأنهم قوم مسرفون وذلك يحمل على اختلاف المقالتين في مقامين.
وفي إقحام لفظ (قَوْمٌ) في الآيتين من الخصوصية ما تقدم آنفا في قوله في هذه السورة (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) [النمل : ٥٢].
ورجّح في قوله : (تَجْهَلُونَ) جانب الخطاب على جانب الغيبة فلم يقل : يجهلون ، بياء الغيبة وكلاهما مقتضى الظاهر لأن الخطاب أقوى دلالة كما قرئ في قوله : (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ) [النمل : ٤٧].
[٥٦ ـ ٥٨] (فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ (٥٦) فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ (٥٧) وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (٥٨))
تقدم نظير هاته الآية في سورة الأعراف [٨٢] ، وخالفتها هذه بوقوع العطف بالفاء في قوله (فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ) دون الواو ، وبقوله (أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ) عوض (أَخْرِجُوهُمْ) [الأعراف : ٨٢] وبقوله (قَدَّرْناها) عوض (كانَتْ) [الأعراف : ٨٣] ، وبقوله (فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ) عوض (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ) [الأعراف : ٨٤].
فأما موقع الفاء هنا فهو لتعقيب الجملة المعطوفة بالفاء على التي قبلها تعقيب جزء