القصة على أوله فلا تفيد إلا تعقيب الإخبار ، وهي في ذلك مساوية للواو. ولكن أوثر حرف التعقيب في هذه الآية لكونها على نسج ما حكيت به قصة ثمود في قوله تعالى (فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ) [النمل : ٤٥] ، فالاختلاف بين هذه الآية وآية الأعراف تفنّن في الحكاية ، ومراعاة للنظير في النسج. وهذا من أساليب قصص القرآن كما بينته في المقدمة السابعة من مقدمات هذا التفسير.
وكذلك قوله (أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ) دون (أَخْرِجُوهُمْ) [الأعراف : ٨٢] لأن المحكي من كلام القوم هو تآمرهم على إخراج آل لوط ؛ فما هنا حكاية بمرادف كلامهم وما في الأعراف حكاية بالمعنى والغرض هو التفنّن أيضا.
وكذلك الاختلاف بين (قَدَّرْناها) هنا وبين (كانَتْ) في الأعراف [٨٣]. وأما الاختلاف بين (فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ) وبين (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ) [الأعراف : ٨٤] فهما عبرتان بحالهم تفرعتا على وصف ما حلّ بهم فوزعت العبرتان على الآيتين لئلا يخلو تكرير القصة من فائدة.
والمراد بآل لوط لوط وأهل بيته لأن ربّ البيت ملاحظ في هذا الاستدلال كقوله تعالى (أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ) [غافر : ٤٦] ، أراد فرعون وآله.
(قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى آللهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (٥٩))
(قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى)
لما استوفى غرض الاعتبار والإنذار حقه بذكر عواقب بعض الأمم التي كذبت الرسل وهي أشبه أحوالا بأحوال المكذبين بمحمد صلىاللهعليهوسلم وبالكتاب الذي أنزل عليه ، وفي خلال ذلك وحفافيه تسلية النبي صلىاللهعليهوسلم على ما يلقاه من قومه أقبل الله بالخطاب إلى الرسول صلىاللهعليهوسلم يلقنه ما ذا يقوله عقب القصص والمواعظ السالفة استخلاصا واستنتاجا منها ، وشكر الله على المقصود منها.
فالكلام استئناف والمناسبة ما علمت. أمر الرسول بالحمد على ما احتوت عليه القصص السابقة من نجاة الرسل من العذاب الحال بقومهم وعلى ما أعقبهم الله على صبرهم من النصر ورفعة الدرجات. وعلى أن أهلك الأعداء الظالمين كقوله (فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) [الأنعام : ٤٥] ونظيره قوله في سورة العنكبوت [٦٣] (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) وقوله في آخر هذه السورة [٩٣] (وَقُلِ الْحَمْدُ