٥٧ ، ٥٨].
وجاء في القرآن السلام على خمسة من الأنبياء في سورة الصافات. وأيضا أمر الله الأمة بالسلام على رسولها فقال (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب : ٥٦] أي قولوا : السلام عليك أيها النبي لأن مادة التفعيل قد يؤتى بها للدلالة على قول منحوب من صيغة التفعيل ، فقوله : (سَلِّمُوا تَسْلِيماً) معناه : قولوا كلمة السلام. مثل بسمل ، إذا قال : بسم الله ، وكبر ، إذا قال : الله أكبر. وفي الحديث «تسبحون وتحمدون وتكبرون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين».
ومعنى (وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى) إنشاء طلب من الله أن يسلم على أحد المصطفين ، أي أن يجعل لهم ذكرا حسنا في الملأ الأعلى.
فإذا قال القائل : السلام على فلان ؛ وفلان غائب أو في حكم الغائب كان ذلك قرينة على أن المقصود الدعاء له بسلام من الله عليه. فقد أزيل منه معنى التحية لا محالة وتعين للدعاء ، ولهذا نهى النبي صلىاللهعليهوسلم المسلمين. عن أن يقولوا في التشهد : السلام على الله السلام على النبي السلام على فلان وفلان. فقال لهم «إن الله هو السلام» أي لا معنى للسلام على الله في مقام الدعاء لأن الله هو المدعو بأن يسلم على من يطلب له ذلك.
فلما أمر تعالى في هذه السورة رسوله صلىاللهعليهوسلم أن يقول (سَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى) فقد عيّن له هذه الجملة ليقولها يسأل من الله أن يكرم عباده الذين اصطفى بالثناء عليهم في الملأ الأعلى وحسن الذكر ، إذ قصارى ما يستطيعه الحاضر من جزاء الغائب على حسن صنيعه أن يبتهل إلى الله أن ينفحه بالكرامة.
والعباد الذين اصطفاهم الله في مقدمتهم الرسل والأنبياء ويشمل ذلك الصالحين من عباده كما في صيغة التشهد : «السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين». وسيأتي الكلام على التسليم على النبي صلىاللهعليهوسلم في سورة الأحزاب.
(آللهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ)
هذا مما أمر الرسول عليه الصلاة والسلام أن يقوله فأمر أن يقول : (الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى) تمهيدا لقوله : (آللهُ خَيْرٌ أَمَّا) تشركون لأن العباد الذين اصطفاهم الله جاءوا كلهم بحاصل هذه الجملة. وأمر أن يشرع في الاستدلال على مسامع