والمكر تقدم عند قوله تعالى (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ) في سورة آل عمران [٥٤]. و (ما) مصدرية ، أي من مكرهم.
[٧١ ـ ٧٢] (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٧١) قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ (٧٢))
عطف على (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذا كُنَّا تُراباً) [النمل : ٦٧]. والتعبير هنا بالمضارع للدلالة على تجدد ذلك القول منهم ، أي لم يزالوا يقولون.
والمراد بالوعد ما أنذروا به من العقاب. والاستفهام عن زمانه ، وهو استفهام تهكم منهم بقرينة قوله (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ).
وأمر الله نبيه بالجواب عن قولهم لأن هذا من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله ومن أطلعه على شيء منه من عباده المصطفين.
والجواب جار على الأسلوب الحكيم بحمل استفهامهم على حقيقة الاستفهام تنبيها على أن حقهم أن يسألوا عن وقت الوعيد ليتقدموه بالإيمان.
و (عَسى) للرجاء ، وهو مستعمل في التقريب مع التحقيق.
و (رَدِفَ) تبع بقرب. وعدي باللام هنا مع أنه صالح للتعدية بنفسه لتضمينه معنى (اقترب) أو اللام للتوكيد مثل شكر له. والمعنى : رجاء أن يكون ذلك قريب الزمن. وهذا إشارة إلى ما سيحل بهم يوم بدر.
وحذف متعلق (تَسْتَعْجِلُونَ) أي تستعجلون به.
(وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ (٧٣))
موقع هذا موقع الاستدراك على قوله (عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ) [النمل : ٧٢] أي أن تأخير العذاب عنهم هو من فضل الله عليهم. وهذا خبر خاص بالنبيء صلىاللهعليهوسلم تنبيها على أن تأخير الوعيد أثر من آثار رحمة الله لأن أزمنة التأخير أزمنة إمهال فهم فيها بنعمة ، لأن الله ذو فضل على الناس كلهم. وقد كنا قدمنا مسألة أن نعمة الكافر نعمة حقيقية أو ليست نعمة والخلاف في ذلك بين الأشعري والماتريدي.
والتعبير ب (لَذُو فَضْلٍ) يدل على أن الفضل من شئونه. وتنكير (فَضْلٍ) للتعظيم.