[القصص : ٥٦] وقوله (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ) [ق : ٤٥]. وسيجيء في تفسير نظير هذه الآية من سورة الروم توجيه لتعداد التشابيه الثلاثة زائدا على ما هنا فانظره.
وقرأ حمزة وحده وما أنت تهدي بمثناة فوقية في موضع الموحدة وبدون ألف بعد الهاء.
(إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ).
استئناف بياني لترقب السامع معرفة من يهتدون بالقرآن.
والإسماع مستعمل في معناه المجازي كما تقدم.
وأوثر التعبير بالمضارع في قوله (مَنْ يُؤْمِنُ) ليشمل من آمنوا من قبل فيفيد المضارع استمرار إيمانهم ومن سيؤمنون.
وقد ظهر من التقسيم الحاصل من قوله (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى) [النمل : ٨٠] إلى هنا ، أن الناس قسمان منهم من طبع الله على قلبه وعلم أنه لا يؤمن حتى يعاجله الهلاك ، ومنهم من كتب الله له السعادة فيؤمن سريعا أو بطيئا قبل الوفاة.
وفرع عليه (فَهُمْ مُسْلِمُونَ) المفيد للدوام والثبات لأنهم إذا آمنوا فقد صار الإسلام راسخا فيهم ومتمكنا منهم ، وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب.
(وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ (٨٢))
هذا انتقال إلى التذكير بالقيامة وما ادخر لهم من الوعيد. فهذه الجملة معطوفة على الجمل قبلها عطف قصة على قصة. ومناسبة ذكرها ما تقدم من قوله (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى) إلى قوله (عَنْ ضَلالَتِهِمْ) [النمل : ٨٠ ، ٨١]. والضمير عائد إلى الموتى والصم والعمي وهم المشركون.
و (الْقَوْلُ) أريد به أخبار الوعيد التي كذبوها متهكمين باستبطاء وقوعها بقولهم (مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [النمل : ٧١] ، فالتعريف فيه للعهد يفسره المقام.
والوقوع مستعار لحلول وقته وذلك من وقت تهيؤ العالم للفناء إلى أن يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار.