كلمة يقولونها عند رؤية ما يخاف من إصابته بمنزلة الاستعاذة. قال الخليل وأبو عبيدة : كان الرجل إذا رأى الرجل الذي يخاف منه أن يقتله في الأشهر الحرم يقول له : (حِجْراً مَحْجُوراً) ، أي حرام قتلي ، وهي عوذة.
و (حجر) مصدر : حجره ، إذا منعه ، قال تعالى (وَحَرْثٌ حِجْرٌ) [الأنعام : ١٣٨] ، وهو في هذا الاستعمال لازم النصب على المفعول المطلق المنصوب بفعل مضمر مثل : معاذ الله ، وأمّا رفعه في قول الرّاجز :
قالت فيها حيدة وذعر |
|
عوذ بربي منكم وحجر |
فهو تصرف فيه ، ولعله عند سيبويه ضرورة لأنه لم يذكر الرفع في استعمال هذه الكلمات في هذا الغرض وهو الذي حكاه الراجز. وأمّا رفع (حجر) في غير حالة استعماله للتعوذ فلا مانع منه لأنه الأصل ، وقد جاء في القرآن منصوبا لا على المفعولية المطلقة في قوله تعالى : (وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً) [الفرقان : ٥٣] ، فإنه معطوف على مفعول (جَعَلَ) وسننبه عليه قريبا.
و (مَحْجُوراً) وصف ل (حِجْراً) مشتق من مادته للدلالة على تمكن المعنى المشتق منه كما قالوا : ليل أليل ، وذيل ذائل ، وشعر شاعر.
(وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً (٢٣))
كانوا في الجاهلية يعدّون الأعمال الصالحة مجلبة لخير الدنيا لأنها ترضي الله تعالى فيجازيهم بنعم في الدنيا إذ كانوا لا يؤمنون بالبعث ، وقد قالت خديجة للنبيصلىاللهعليهوسلم حين تحيّر في أمر ما بدأه من الوحي وقال لها : «لقد خشيت على نفسي» ، فقالت : «والله لا يخزيك الله أبدا. إنك لتصل الرحم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق». فالظاهر أن المشركين إذا سمعوا آيات الوعيد يقولون في أنفسهم : لئن كان البعث حقّا لنجدنّ أعمالا عملناها من البرّ تكون سببا لنجاتنا ، فعلم الله ما في نفوسهم فأخبر بأن أعمالهم تكون كالعدم يومئذ.
والقدوم مستعمل في معنى العمد والإرادة ، وأفعال المشي والمجيء تجيء في الاستعمال لمعاني القصد والعزم والشروع مثل : قام يفعل ، وذهب يقول ، وأقبل ، ونحوها. وأصل ذلك ناشئ عن تمثيل حال العامد إلى فعل باهتمام بحال من يمشي إليه ، فموقعه في الكلام أرشق من أن يقول : وعمدنا أو أردنا إلى ما عملوا.