في اليمّ.
(وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْناهُمْ وَجَعَلْناهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ عَذاباً أَلِيماً (٣٧))
عطف على جملة (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) [الفرقان : ٣٥] باعتبار أن المقصود وصف قومه بالتكذيب والإخبار عنهم بالتدمير.
وانتصب (قَوْمَ نُوحٍ) بفعل محذوف يفسره (أَغْرَقْناهُمْ) على طريقة الاشتغال ، ولا يضر الفصل بكلمة (لَمَّا) لأنها كالظرف ، وجوابها محذوف دل عليه مفسر الفعل المحذوف ، وفي هذا النظم اهتمام بقوم نوح لأن حالهم هو محل العبرة فقدم ذكرهم ثم أكّد بضميرهم.
ويجوز أن يكون (وَقَوْمَ نُوحٍ) عطفا على ضمير النصب في قوله (فَدَمَّرْناهُمْ) [الفرقان : ٣٦] أي ودمرنا قوم نوح ، وتكون جملة (لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْناهُمْ) مبيّنة لجملة (فَدَمَّرْناهُمْ).
والآية : الدليل ، أي جعلناهم دليلا على مصير الذين يكذبون رسلهم. وجعلهم آية : هو تواتر خبرهم بالغرق آية.
وجعل قوم نوح مكذّبين الرسل مع أنهم كذّبوا رسولا واحدا لأنهم استندوا في تكذيبهم رسولهم إلى إحالة أن يرسل الله بشرا لأنهم قالوا : (ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ) [المؤمنون : ٢٤] فكان تكذيبهم مستلزما تكذيب عموم الرسل ، ولأنهم أول من كذّب رسولهم ، فكانوا قدوة للمكذبين من بعدهم. وقصة قوم نوح تقدمت في سورة الأعراف وسورة هود.
وجملة (وَأَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ عَذاباً أَلِيماً) عطف على (أَغْرَقْناهُمْ). والمعنى : عذبناهم في الدنيا بالغرق وأعتدنا لهم عذابا أليما في الآخرة. ووقع الإظهار في مقام الإضمار فقيل (لِلظَّالِمِينَ) عوضا عن : أعتدنا لهم ، لإفادة أن عذابهم جزاء على ظلمهم بالشرك وتكذيب الرسول.
[٣٨ ، ٣٩] (وَعاداً وَثَمُودَ وَأَصْحابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً (٣٨) وَكُلاًّ ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ وَكُلاًّ تَبَّرْنا تَتْبِيراً (٣٩))