و (نَسَباً وَصِهْراً) مصدران سمي بهما صنفان من القرابة على تقدير : ذا نسب وصهر وشاع ذلك في الكلام.
والنسب لا يخلو من أبوّة وبنوّة وأخوة لأولئك وبنوة لتلك الأخوة.
وأما الصهر فهو : اسم لما بين المرء وبين قرابة زوجه وأقاربه من العلاقة ، ويسمى أيضا مصاهرة لأنه يكون من جهتين ، وهو آصرة اعتبارية تتقوم بالإضافة إلى ما تضاف إليه ، فصهر الرجل قرابة امرأته ، وصهر المرأة قرابة زوجها ، ولذلك يقال : صاهر فلان فلانا إذا تزوج من قرابته ولو قرابة بعيدة كقرابة القبيلة. وهذا لا يخلو عنه البشر المتزوج وغير المتزوج.
ويطلق الصهر على مع له من الآخر علاقة المصاهرة من إطلاق المصدر في موضع الوصف فالأكثر حينئذ أن يخص بقريب زوج الرجل ، وأما قريب زوج المرأة فهو ختن لها أو حم. ولا يخلو أحد عن آصرة صهر ولو بعيدا. وقد أشار إلى ما في هذا الخلق العجيب من دقائق نظام إيجاد طبيعي واجتماعي بقوله : (وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً) ، أي عظيم القدرة إذ أوجد من هذا الماء خلقا عظيما صاحب عقل وتفكير فاختص باتصال أواصر النسب وأواصر الصهر ، وكان ذلك أصل نظام الاجتماع البشري لتكوين القبائل والشعوب وتعاونهم مما جاء بهذه الحضارة المرتقية مع العصور والأقطار قال تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا) [الحجرات : ١٣].
وفي تركيب (وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً) من دقيق الإيذان بأن قدرته راسخة واجبة له متصف بها في الأزل بما اقتضاه فعل (كانَ) ، وما في صيغة «قدير» من الدلالة على قوة القدرة المقتضية تمام الإرادة والعلم.
(وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً (٥٥))
الواو للحال ، وهذا مستعمل في التعجيب من استمرارهم في الشرك ، أعقب ذكر ما نفع الله به الناس من إلطافه بهم في تصاريف الكائنات إذ جعل لهم الليل والنهار ، وخلق لهم الماء فأنبت به الزرع وسقى به الناس والأنعام ، مع ما قارنه من دلائل القدرة بذكر عبادتهم ما لا ينفع الناس عودا إلى حكاية شيء من أحوال مشركي مكة.