ونفي الضرّ بعد نفي النفع للتنبيه على انتفاء شبهة عبدة الأصنام في شركهم لأن موجب العبادة إما رجاء النفع وإما اتقاء ضر المعبود وكلاهما منتف عن الأصنام بالمشاهدة.
والتعبير بالفعل المضارع للدلالة على تجدد عبادتهم الأصنام وعدم إجداء الدلائل المقلعة عنها في جانبهم.
وجملة (وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً) تذييل لما قبله ، فاللام في تعريف (الْكافِرُ) للاستغراق ، أي كل كافر على ربّه ظهير.
وجعل الخبر عن الكافر خبرا ل (كانَ) للدلالة على أن اتصافه بالخبر أمر متقرر معتاد من كل كافر.
والظهير : المظاهر ، أي المعين ، وتقدم في قوله تعالى : (وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) في سورة الإسراء [٨٨] وهو فعيل بمعنى مفاعل ، أي مظاهر مثل حكيم بمعنى محكم ، وعوين بمعنى معاون. وقول عمر بن معد يكرب :
أمن ريحانة الداعي السّميع
أي المسمع. قال في «الكشاف» : «ومجيء فعيل بمعنى مفاعل غير عزيز». وهو مشتق من : ظاهر عليه ، إذا أعان من يغالبه على غلبه ، وأصله الأصيل مشتق من اسم جامد وهو اسم الظهر من الإنسان أو الدابة لأن المعاون أحدا على غلب غيره كأنه يحمل الغالب على المغلوب كما يحمل على ظهر الحامل ، جعل المشرك في إشراكه مع وضوح دلالة عدم استئهال الأصنام للإلهية كأنه ينصر الأصنام على ربه الحق. وفي ذكر الربّ تعريض بأن الكافر عاقّ لمولاه. وعن أبي عبيدة : ظهير بمعنى مظهور ، أي كفر الكافر هيّن على الله ، يعني أي فعيلا فيه بمعنى مفعول ، أي مظهور عليه وعلى هذا يكون (عَلى) متعلقا بفعل (كانَ) أي كان على الله هيّنا.
[٥٦ ، ٥٧] (وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً (٥٦) قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً (٥٧))
لما أفضى الكلام بأفانين انتقالاته إلى التعجيب من استمرارهم على أن يعبدوا ما لا يضرهم ولا ينفعهم أعقب بما يومئ إلى استمرارهم على تكذيبهم محمدا صلىاللهعليهوسلم في دعوى