يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ (٨٢))
(أَصْبَحَ) هنا بمعنى صار.
و (الأمس) مستعمل في مطلق زمن مضى قريبا على طريقة المجاز المرسل. و (مكان) مستعمل مجازا في الحالة المستقر فيها صاحبها ، وقد يعبر عن الحالة أيضا بالمنزلة.
ومعنى (يَقُولُونَ) أنهم يجهرون بذلك ندامة على ما تمنوه ورجوعا إلى التفويض لحكمة الله فيما يختاره لمن يشاء من عباده. وحكي مضمون مقالاتهم بقوله تعالى (وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ) الآية.
وكلمة (وَيْكَأَنَ) عند الأخفش وقطرب مركبة من ثلاث كلمات : (وي) وكاف الخطاب و (أن). فأما (وي) فهي اسم فعل بمعنى : أعجب ، وأما الكاف فهي لتوجيه الخطاب تنبيها عليه مثل الكاف اللاحقة لأسماء الإشارة ، وأما (أن) فهي (أن) المفتوحة الهمزة أخت (إن) المكسورة الهمزة فما بعدها في تأويل مصدر هو المتعجب منه فيقدر لها حرف جرّ ملتزم حذفه لكثرة استعماله وكان حذفه مع (أن) جائزا فصار في هذا التركيب واجبا وهذا الحرف هو اللام أو (من) فالتقدير : أعجب يا هذا من بسط الله الرزق لمن يشاء.
وكل كلمة من هذه الكلمات الثلاث تستعمل بدون الأخرى فيقال : وي بمعنى أعجب ، ويقال (ويك) بمعناه أيضا قال عنترة :
ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها |
|
قيل الفوارس ويك عنتر أقدم |
ويقال : (وَيْكَأَنَ) ، كما في هذه الآية وقول سعيد بن زيد أو نبيه بن الحجاج السهمي :
ويكأنّ من يكن له نشب يح |
|
بب ومن يفتقر يعش عيش ضرّ |
فخفّف (أن) وكتبوها متصلة لأنها جرت على الألسن كذلك في كثير الكلام فلم يتحققوا أصل تركيبها وكان القياس أن تكتب (ويك) مفصولة عن (أن) وقد وجدوها مكتوبة مفصولة في بيت سعيد بن زيد. وذهب الخليل ويونس وسيبويه والجوهري والزمخشري إلى أنها مركبة من كلمتين (وي) و (كأن) التي للتشبيه.
والمعنى : التعجب من الأمر وأنه يشبه أن يكون كذا والتشبيه مستعمل في الظن واليقين. والمعنى : أما تعجب كأن الله يبسط الرزق.