قارون هو كفره برسول الله.
(تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (٨٣))
انتهب قصة قارون بما فيها من العبر من خير وشر ، فأعقبت باستئناف كلام عن الجزاء على الخير وضده في الحياة الأبدية وأنها معدة للذين حالهم بضد حال قارون ، مع مناسبة ذكر الجنة بعنوان الدار لذكر الخسف بدار قارون للمقابلة بين دار زائلة ودار خالدة.
وابتدئ الكلام بابتداء مشوق وهو اسم الإشارة إلى غير مذكور من قبل ليستشرف السامع إلى معرفة المشار إليه فيعقبه بيانه بالاسم المعرف باللام الواقع بيانا أو بدلا من اسم الإشارة كما في قول عبيدة بن الأبرص :
تلك عرسي غضبي تريد زيالي |
|
ألبين تريد أم لدلال .. |
الأبيات.
وجملة (نَجْعَلُها) هو خبر المبتدأ وكاف الخطاب الذي في اسم الإشارة غير مراد به مخاطب معيّن موجّه إلى كل سامع من قراء القرآن. ويجوز أن يكون خطابا للنبي صلىاللهعليهوسلم والمقصود تبليغه إلى الأمة شأن جميع آي القرآن.
و (الدَّارُ) : محل السكنى ، كقوله تعالى (لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ) في الأنعام [١٢٧]. وأما إطلاق الدار على جهنم في قوله تعالى (وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ) [إبراهيم : ٢٨] فهو تهكّم كقول أبي الغول الطهوي :
ولا يرعون أكناف الهوينا |
|
إذا نزلوا ولا روض الهدون |
فاستعمال الروض للهدون تهكّم لأن المقام مقام تعريض.
و (الْآخِرَةُ) : مراد به الدائمة ، أي التي لا دار بعدها ، فاللفظ مستعمل في صريح معناه وكنايته.
ومعنى جعلها لهم أنها محضرة لأجلهم ليس لهم غيرها. وأما من عداهم فلهم أحوال ذات مراتب أفصحت عنها آيات أخرى وأخبار نبوية فإن أحكام الدين لا يقتصر في استنباطها على لوك كلمة واحدة.