ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ).
أما قوله (وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) فإن حملت (مِنَ) فيه على معنى التبعيض كان النهي مؤوّلا يمثل ما أولو به النهيين اللذين قبله أنه للتهييج ، أو أن المقصود به المسلمون.
(وَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٨))
هذا النهي موجه إلى النبي صلىاللهعليهوسلم في الظاهر ، والمقصود به إبطال الشرك وإظهار ضلال أهله إذ يزعمون أنهم معترفون بإلهية الله تعالى وأنهم إنما اتخذوا له شركاء وشفعاء ، فبين لهم أن الله لا إله غيره ، وأن انفراده بالإلهية في نفس الأمر يقضي ببطلان الإشراك في الاعتقاد ولو أضعف إشراك ، فجملة (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) في معنى العلة للنهي الذي في الجملة قبلها.
وجملة (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) علة ثانية للنهي لأن هلاك الأشياء التي منها الأصنام وكلّ ما عبد مع الله وأشرك به دليل على انتفاء الإلهية عنها لأن الإلهية تنافي الهلاك وهو العدم.
والوجه مستعمل في معنى الذات. والمعنى : كل موجود هالك إلا الله تعالى. والهلاك : الزوال والانعدام.
وجملة (لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) تذييل فلذلك كانت مفصولة عما قبلها. وتقديم المجرور باللام لإفادة الحصر ، والمحصور فيه هو الحكم الأتم ، أي الذي لا يرده راد.
والرجوع مستعمل في معنى : آخر الكون على وجه الاستعارة ، لأن حقيقته الانصراف إلى مكان قد فارقه فاستعمل في مصير الخلق وهو البعث بعد الموت ؛ شبه برجوع صاحب المنزل إلى منزله ، ووجه الشبه هو الاستقرار والخلود فهو مراد منه طول الإقامة.
وتقديم المجرور ب (إلى) للاهتمام بالخبر لأن المشركين نفوا الرجوع من أصله ولم يقولوا بالشركة في ذلك حتى يكون التقديم للتخصيص.
والمقصود من تعدد هذه الجملة إثبات أن الله منفرد بالإلهية في ذاته وهو مدلول جملة (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ). وذلك أيضا يدل على صفة القدم لأنه لما انتفى جنس الإلهية عن