بسم الله الرّحمن الرّحيم
٢٩ ـ سورة العنكبوت
اشتهرت هذه السورة بسورة العنكبوت من عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما رواه عكرمة قال : كان المشركون إذا سمعوا تسمية سورة البقرة وسورة العنكبوت يستهزءون بهما ، أي بهذه الإضافة فنزل قوله تعالى (إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) [الحجر : ٩٥] يعني المستهزئين بهذا ومثله وقد تقدم الإلماع إلى ذلك عند قوله تعالى (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها) في سورة البقرة [٢٦].
ووجه إطلاق هذا الاسم على هذه السورة أنها اختصت بذكر مثل العنكبوت في قوله تعالى فيها (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً) [العنكبوت : ٤١].
وهي مكية كلها في قول الجمهور ، ومدنية كلها في أحد قولي ابن عباس وقتادة ، وقيل بعضها مدني. روى الطبري والواحدي في «أسباب النزول» عن الشعبي أن الآيتين الأوليين منها (أي إلى قوله (وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ) [العنكبوت : ٣] نزلتا بعد الهجرة في أناس من أهل مكة أسلموا فكتب إليهم أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم من المدينة أن لا يقبل منهم إسلام حتى يهاجروا إلى المدينة فخرجوا مهاجرين فاتبعهم المشركون فردّوهم.
وروى الطبري عن عكرمة عن ابن عباس أن قوله تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ) إلى قوله (وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ) [العنكبوت : ١٠ ، ١١] نزلت في قوم بمكة وذكر قريبا مما روي عن الشعبي.
وفي «أسباب النزول» للواحدي عن مقاتل : نزلت الآيتان الأوليان في مهجع مولى عمر بن الخطاب خرج في جيش المسلمين إلى بدر فرماه عامر بن الحضرمي من المشركين بسهم فقتله فجزع عليه أبوه وامرأته فأنزل الله هاتين الآيتين. وعن علي بن أبي طالب أن