٤٦] وقوله (وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ) في سورة البقرة [٢٢٣].
و (أَجَلَ اللهِ) يجوز أن يكون الوقت الذي عينه الله في علمه للبعث والحساب فيكون من الإظهار في مقام الإضمار ، ومقتضى الظاهر أن يقال : فإنه لآت فعدل إلى الإظهار كما في إضافة (أَجَلَ) إلى اسم الجلالة من الإيماء إلى أنه لا يخلف. والمقصود الاهتمام بالتحريض على الاستعداد. ويجوز أن يكون المراد ب (أَجَلَ اللهِ) الأجل الذي عيّنه الله لنصر المؤمنين وانتهاء فتنة المشركين إياهم باستئصال مساعير تلك الفتنة ، وهم صناديد قريش وذلك بما كان من النصر يوم بدر ثم ما عقبه إلى فتح مكة فيكون الكلام تثبيتا للرسول صلىاللهعليهوسلم وللمؤمنين حين استبطأ المؤمنون النصر للخلاص من فتنة المشركين حتى يعبدوا الله لا يفتنوهم في عبادته. والمعنى عليه : إن كنتم مؤمنين بالبعث إيقانا ينبعث من تصديق وعد الله به فإن تصديقكم بمجيء النصر أجدر لأنه وعدكم به ، ف (مَنْ) شرطية ، وجعل فعل الشرط فعل الكون للدلالة على تمكن هذ الرجاء من فاعل فعل الشرط.
ولهذا كان قوله (فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لَآتٍ) جوابا لقوله (مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللهِ) باعتبار دلالته على الجواب المقدر ليلتئم الربط بين مدلول جملة الشرط ومدلول جملة الجزاء.
ولو لا ذلك لاختلّ الربط بين الشرط والجزاء إذ يفضي إلى معنى من لم يكن يرجو لقاء الله فإن أجل الله غير آت. وهذا لا يستقيم في مجاري الكلام فلزم تقدير شيء من باب دلالة الاقتضاء.
وتأكيد جملة الجزاء بحرف التوكيد على الوجه الأول للتحريض والحث على الاستعداد للقاء الله ، وعلى الوجه الثاني لقصد تحقيق النصر الموعود به تنزيلا لاستبطائه منزلة التردد لقصد إذكاء يقينهم بما وعد الله ولا يوهنهم طول المدة الذي يضخمه الانتظار. وبهذا يظهر وقع التذييل بوصفي (السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) دون غيرهما من الصفات العلى للإيماء بوصف (السَّمِيعُ) إلى أن الله تعالى سمع مقالة بعضهم من الدعاء بتعجيل النصر كما أشار إليه قوله تعالى (وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ) [البقرة : ٢١٤]. وكقول النبي صلىاللهعليهوسلم :
«اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة اللهم أنج الوليد بن الوليد اللهم أنج سلمة بن هشام اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين ، اللهم اشدد وطأتك على مضر اللهم اجعلها عليهم سنين كسنين يوسف».
والإيماء بوصف (الْعَلِيمُ) إلى أن الله علم ما في نفوسهم من استعجال النصر ولو