الوعيد الذي توعدوه في الدنيا.
ولما آيسهم من الانفلات بأنفسهم في جميع الأمكنة أعقبه بتأييسهم من الانفلات من الوعيد بسعي غيرهم لهم من أولياء يتوسطون في دفع العذاب عنهم بنحو السعاية أو الشفاعة ، أو من نصراء يدافعون عنهم بالمغالبة والقوة.
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ وَلِقائِهِ أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٢٣))
بيان لما في قوله (يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ) [العنكبوت : ٢١] وإنما عطف لما فيه من زيادة الإخبار بأنهم لا ينالهم الله برحمة وأنه يصيبهم بعذاب أليم.
والكفر بآيات الله : هو كفرهم بالقرآن. والكفر بلقائه : إنكار البعث.
واسم الإشارة يفيد أن ما سيذكره بعده نالهم من أجل ما ذكر قبل اسم الإشارة من أوصاف ، أي أنهم استحقوا اليأس من الرحمة وإصابتهم بالعذاب الأليم لأجل كفرهم بالقرآن وإنكارهم البعث على أسلوب (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ) [البقرة : ٥].
وأخبر عن يأسهم من رحمة الله بالفعل المضي تنبيها على تحقيق وقوعه. والمعنى : أولئك سييأسون من رحمة الله لا محالة.
والتعبير بالاسم الظاهر في قوله (بِآياتِ اللهِ) دون ضمير التكلم للتنويه بشأن الآيات حيث أضيفت إلى الاسم الجليل لما في الاسم الجليل من التذكير بأنه حقيق بأن لا يكفر بآياته. والعدول إلى التكلم في قوله (رَحْمَتِي) التفات عاد به أسلوب الكلام إلى مقتضى الظاهر ، وإعادة اسم الإشارة لتأكيد التنبيه على استحقاقهم ذلك.
(فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجاهُ اللهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٢٤))
لما تمّ الاعتراض الواقع في خلال قصة إبراهيم عاد الكلام إلى بقية القصة بذكر ما أجابه به قومه.
والفاء تفريع على جملة (إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللهَ) [العنكبوت : ١٦].
وجيء بصيغة حصر الجواب في قولهم (اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ) للدلالة على أنهم لم