ذلك منه تنبهت الأذهان إليها وتعلقت الشهوات بها.
والنادي : المكان الذي ينتدي فيه الناس ، أي يجتمعون نهارا للمحادثة والمشاورة وهو مشتق من الندو بوزن العفو وهو الاجتماع نهارا. وأما مكان الاجتماع ليلا فهو السامر ، ولا يقال للمجلس ناد إلا ما دام فيه أهله فإذا قاموا عنه لم يسم ناديا.
(فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ قالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ).
الكلام فيه كالقول في نظيره المتقدم آنفا في قوله (فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا اقْتُلُوهُ) [العنكبوت : ٢٤] الآية ، والأمر في (ائْتِنا بِعَذابِ اللهِ) للتعجيز وهو يقتضي أنه أنذرهم العذاب في أثناء دعوته. ولم يتقدم ذكر ذلك في قصة لوط فيما مضى لكن الإنذار من شئون دعوة الرسل.
وأراد بالنصر عقاب المكذبين ليريهم صدق ما أبلغهم من رسالة الله.
ووصفهم ب (الْمُفْسِدِينَ) لأنهم يفسدون أنفسهم بشناعات أعمالهم ويفسدون الناس بحملهم على الفواحش وتدريبهم بها ، وفي هذا الوصف تمهيد للإجابة بالنصر لأن الله لا يحب المفسدين.
[٣١ ـ ٣٢] (وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَها كانُوا ظالِمِينَ (٣١) قالَ إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ (٣٢))
(لَمَّا) أداة تدل على التوقيت ، والأصل أنها ظرف ملازم الإضافة إلى جملة. ومدلولها وجود لوجود ، أي وجود مضمون الجملة التي تضاف إليها عند وجود الجملة التي تتعلق بها فهي تستلزم جملتين : أولاهما فعلية ماضوية وتضاف إليها (لَمَّا) ، والثانية فعلية أو اسمية مشتملة على ما يصلح لأن يتعلق به الظرف من فعل أو اسم مشتق ، ويطلق على الجملة الثانية الواقعة بعد (لَمَّا) اسم الجزاء تسامحا.
ولما كانت (لَمَّا) ظرفا مبهما تعين أن يكون مضمون الجملة التي تضاف إليها (لَمَّا) معلوما للسامع ، إذ التوقيت الإعلام بمقارنة زمن مجهول بزمن معلوم. فوجود (لَمَّا) هنا يقتضي أن مجيء الملائكة بالبشرى أمر معلوم للسامع مع أنه لم يتقدم ذكر