من أبناء إبراهيم وأن الله أنجاه من العذاب كما أنجى لوطا.
وتقديم المجرور في قوله (إِلى مَدْيَنَ) ليتأتى الإيجاز في وصف شعيب بأنه أخوهم لأن هذا الوصف غير موجود في نوح وإبراهيم ولوط. وتقدم معنى كونه أخا لهم في سورة هود.
وقوله (فَقالَ) عطف على الفعل المقدر ، أي أرسلناه فعقب إرساله بأن قال.
والرجاء : الترقب واعتقاد الوقوع في المستقبل. وأمره إياهم بترقب اليوم الآخر دل على أنهم كانوا لا يؤمنون بالبعث وتقدم الكلام على نظير قوله (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) عند قوله تعالى (كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) في سورة البقرة [٦٠]. وتقدمت قصة شعيب في سورة هود.
(فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ (٣٧))
الأخذ : الإعدام والإهلاك ؛ شبه الإعدام بالأخذ بجامع الإزالة.
و (الرَّجْفَةُ) : الزلزال الشديد الذي ترتجف منه الأرض ، وفي سورة هود سميت بالصيحة لأن لتلك الرجفة صوتا شديدا كالصيحة. وتقدم تفسير ذلك.
وقد أشير في قصة إبراهيم ولوط إلى ما له تعلق بالغرض المسوق فيه ، وهو المصابرة على إبلاغ الرسالة ، والصبر على أذى الكافرين ، ونصر الله إياهما ، وتعذيب الكافرين وإنجاء المؤمنين.
(وَعاداً وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ (٣٨))
لما جرى ذكر أهل مدين وقوم لوط أكملت القصص بالإشارة إلى عاد وثمود إذ قد عرف في القرآن اقتران هذه الأمم في نسق القصص. والواو عاطفة قصة على قصة.
وانتصاب (عاداً) يجوز أن يكون بفعل مقدّر يدل عليه السياق ، تقديره : وأهلكنا عادا ، لأن قوله تعالى آنفا (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ) [العنكبوت : ٣٧] يدل على معنى الإهلاك ، قاله الزجاج وتبعه الزمخشري. ومعلوم أنه إهلاك خاص من بطش الله تعالى ، فظهر تقدير : وأهلكنا عادا.