والغوي : الشديد الغواية وهي الضلال وسوء النظر ، أي أنك تشاد من لا تطيقه ثم تروم الغوث مني يوما بعد يوم ، وليس المراد أنه ظالم أو مفسد لأنه لو كان كذلك لما أراد أن يبطش بعدوه.
والبطش : الأخذ بالعنف ، والمراد به الضرب. وظاهر قوله (عَدُوٌّ لَهُما) أنه قبطي.
وربما جعل عدوا لهما لأن عداوته للإسرائيلي معروفة فاشية بين القبط وأما عداوته لموسى فلأنه أراد أن يظلم رجلا والظلم عدو لنفس موسى لأنه نشأ على زكاء نفس هيأها الله للرسالة. والاستفهام مستعمل في الإنكار.
والجبار : الذي يفعل ما يريد مما يضر بالناس ويؤاخذ الناس بالشدة دون الرفق. وتقدم في سورة إبراهيم [١٥] قوله (وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) ، وفي سورة مريم [٣٢] قوله (وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا).
والمعنى : إنك تحاول أن تكون متصرفا بالانتقام وبالشدة ولا تحاول أن تكون من المصلحين بين الخصمين بأن تسعى في التراضي بينهما. ويظهر أن كلام القبطي زجر لموسى عن البطش به وصار بينهما حوارا أعقبه مجيء رجل من أقصى المدينة.
[٢٠ ـ ٢١] (وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى قالَ يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (٢٠) فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢١))
ظاهر النظم أن الرجل جاء على حين محاورة القبطي مع موسى فلذلك انطوى أمر محاورتهما إذ حدث في خلاله ما هو أهم منه وأجدى في القصة.
والظاهر أن أقصى المدينة هو ناحية قصور فرعون وقومه فإن عادة الملوك السكنى في أطراف المدن توقيا من الثورات والغارات لتكون مساكنهم أسعد بخروجهم عند الخوف. وقد قيل : الأطراف منازل الأشراف. وأما قول أبي تمام :
كانت هي الوسط المحمي فاتصلت |
|
بها الحوادث حتى أصبحت طرفا |
فذلك معنى آخر راجع إلى انتقاص العمران كقوله تعالى (يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ) [الأحزاب : ١٣].
وبهذا يظهر وجه ذكر المكان الذي جاء منه الرجل وأن الرجل كان يعرف موسى.