ضلالا.
ثم ذيل هذا التذييل بما هو تمامه إذ فيه تعيين هذا الفريق المبهم الذي هو أشد الضالين ضلالا فإنه الفريق الذين كانوا قوما ظالمين ، أي كان الظلم شأنهم وقوام قوميتهم ولذلك عبر عنهم بالقوم.
والمراد بالظالمين : الكاملون في الظلم ، وهو ظلم الأنفس وظلم الناس ، وأعظمه الإشراك وإتيان الفواحش والعدوان ، فإن الله لا يخلق في نفوسهم الاهتداء عقابا منه على ظلمهم فهم باقون في الضلال يتخبطون فيه ، فهم أضل الضالين ، وهم مع ذلك متفاوتون في انتفاء هدى الله عنهم على تفاوتهم في التصلب في ظلمهم ؛ فقد يستمر أحدهم زمانا على ضلاله ثم يقدر الله له الهدى فيخلق في قلبه الإيمان. ولأجل هذا التفاوت في قابلية الإقلاع عن الضلال استمرت دعوة النبي صلىاللهعليهوسلم إياهم للإيمان في عموم المدعوين إذ لا يعلم إلا الله مدى تفاوت الناس في الاستعداد لقبول الهدى ، فالهدى المنفي عن أن يتعلق بهم هنا هو الهدى التكويني.
وأما الهدى بمعنى الإرشاد فهو من عموم الدعوة. وهذا معنى قول الأئمة من الأشاعرة أن الله يخاطب بالإيمان من يعلم أنه لا يؤمن مثل أبي جهل لأن التعلق التكويني غير التعلق التشريعي.
وبين (هَواهُ) و (هُدىً) جناس محرف وجناس خط.
(وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٥١))
عطف على جملة (وَلَوْ لا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) [القصص : ٤٧] الآية ، وما عطف عليها من قوله (فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا لَوْ لا أُوتِيَ مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى) [القصص : ٤٨].
والتوصيل : مبالغة في الوصل ، وهو ضم بعض الشيء إلى بعض يقال : وصل الحبل إذا ضم قطعه بعضها إلى بعض فصار حبلا.
والقول مراد به القرآن قال تعالى (إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ) [الطارق : ١٣] وقال (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) [الحاقة : ٤٠] ، فالتعريف للعهد ، أي القول المعهود. وللتوصيل أحوال كثيرة فهو باعتبار ألفاظه وصل بعضه ببعض ولم ينزل جملة واحدة ، وباعتبار معانيه وصل أصنافا