المعذرة ، فروي عن ابن عباس أن الحارث بن عثمان بن نوفل بن عبد مناف وناسا من قريش جاءوا النبي صلىاللهعليهوسلم فقال الحارث «إنا لنعلم أن قولك حق ولكنا نخاف إن اتبعنا الهدى معك ونؤمن بك أن يتخطفنا العرب من أرضنا ولا طاقة لنا بهم وإنما نحن أكلة رأس» (أي أن جمعنا يشبعه الرأس الواحد من الإبل وهذه الكلمة كناية عن القلة) فهؤلاء اعترفوا في ظاهر الأمر بأن النبي صلىاللهعليهوسلم يدعو إلى الهدى.
والتخطف : مبالغة في الخطف ، وهو انتزاع شيء بسرعة ، وتقدم في قوله تعالى (تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ) في سورة الأنفال [٢٦]. والمراد : يأسرنا الأعداء معهم إلى ديارهم ، فرد الله عليهم بأن قريشا مع قلتهم عدّا وعدة أتاح الله لهم بلدا هو حرم آمن يكونون فيه آمنين من العدو على كثرة قبائل العرب واشتغالهم بالغارة على جيرتهم وجبى إليهم ثمرات كثيرة قرونا طويلة ، فلو اعتبروا لعلموا أن لهم منعة ربانية وأن الله الذي أمنهم في القرون الخالية يؤمنهم إن استجابوا لله ورسوله.
والتمكين : الجعل في مكان ، وتقدم في قوله تعالى (مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ) في سورة الأنعام [٦] ، وقوله في أول هذه السورة [٦] (وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ). واستعمل هنا مجازا في الإعداد والتيسير.
والجبي : الجمع والجلب ومنه جباية الخراج.
والاستفهام إنكار أن يكون الله لم يمكن لهم حرما. ووجه الإنكار أنهم نزلوا منزلة من ينفي أن ذلك الحرم من تمكين الله فاستفهموا على هذا النفي استفهام إنكار.
وهذا الإنكار يقتضي توبيخا على هذه الحالة التي نزلوا لأجلها منزلة من ينفي أن الله مكن لهم حرما.
والواو عطفت جملة الاستفهام على جملة (وَقالُوا). والتقدير : ونحن مكنا لهم حرما.
و (كُلِّ شَيْءٍ) عام في كل ذي ثمرة وهو عموم عرفي ، أي ثمر كل شيء من الأشياء المثمرة المعروفة في بلادهم والمجاورة لهم أو استعمل (كُلِ) في معنى الكثرة.
و (رِزْقاً) حال من (ثَمَراتُ) وهو مصدر بمعنى المفعول.
ومعنى (مِنْ لَدُنَّا) من عندنا ، والعندية مجاز في التكريم والبركة ، أي رزقا قدرناه