لونا وألينها تربة وأكثرها عشبا. وإذا نزلت فصلّ ركعتين قبل أن تجلس ، وإذا أردت قضاء حاجتك فأبعد المذهب في الأرض. وإذا ارتحلت فصلّ ركعتين ثم ودّع الأرض التي حللت بها وسلّم على أهلها فإن لكل بقعة أهلا من الملائكة ، وإن استطعت أن لا تأكل طعاما حتى تبتدئ فتتصدق منه فافعل. وعليك بقراءة كتاب الله ـ لعله يعني الزبور ـ ما دمت راكبا ، وعليك بالتسبيح ما دمت عاملا عملا ، وعليك بالدعاء ما دمت خاليا. وإياك والسير في أول الليل إلى آخره. وإياك ورفع الصوت في مسيرك. فقد استقصينا ما وجدنا من حكمة لقمان مما يقارب سبعين حكمة.
(أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ (٢٠) وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ (٢١))
(أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً).
رجوع إلى تعداد دلائل الوحدانية وما صحب ذلك من منة على الخلق ، فالكلام استئناف ابتدائي عن الكلام السابق ورجوع إلى ما سلف في أول السورة في قوله تعالى : (خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ) [لقمان : ١٠] فإنه بعد الاستدلال بخلق السماوات والأرض والحيوان والأمطار عاد هنا الاستدلال والامتنان بأن سخر لنا ما في السماوات وما في الأرض. وقد مضى الكلام على هذا التسخير في تفسير قوله تعالى (اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) الآيات من سورة إبراهيم [٣٢] ، وكذلك في سورة النحل [٣].
ومعنى (سَخَّرَ لَكُمْ) لأجلكم لأن من جملة ذلك التسخير ما هو منافع لنا من الأمطار والرياح ونور الشمس والقمر ومواقيت البروج والمنازل والاتجاه بها. والخطاب في (أَلَمْ تَرَوْا) يجوز أن يكون لجميع الناس مؤمنهم ومشركهم لأنه امتنان ، ويجوز أن يكون لخصوص المشركين باعتبار أنه استدلال.
والاستفهام في (أَلَمْ تَرَوْا) تقرير أو إنكار لعدم الرؤية بتنزيلهم منزلة من لم يروا آثار ذلك التسخير لعدم انتفاعهم بها في إثبات الوحدانية. والرؤية بصرية. ورؤية التسخير رؤية آثاره ودلائله. ويجوز أن تكون الرؤية علمية كذلك ، والخطاب للمشركين كما في قوله (خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها).