والغليظ : من صفات الأجسام وهو القوي الخشن ، وأطلق على الشديد من الأحوال على وجه الاستعارة بجامع الشدة على النفس وعدم الطاقة على احتماله. وتقدم قوله (وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ) في سورة هود [٥٨] كما أطلق الكثير على القوي.
(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٢٥))
عطف على جملة (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا) [لقمان : ٢١] باعتبار أن ما وجدوا عليه آباءهم هو الإشراك مع الله في الإلهية ، وإن سألهم سائل : من خلق السماوات والأرض يقولوا خلقهن الله ، وذلك تسخيف لعقولهم التي تجمع بين الإقرار لله بالخلق وبين اعتقاد إلهية غيره.
والمراد بالسماوات والأرض : ما يشمل ما فيها من المخلوقات ومن بين ذلك حجارة الأصنام ، وتقدم نظيرها في سورة العنكبوت. وعبر هنا ب (لا يَعْلَمُونَ) وفي سورة العنكبوت [٦٣] ب (لا يَعْقِلُونَ) تفننا في المخالفة بين القصتين مع اتحاد المعنى.
(لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٢٦))
موقع هذه الجملة من التي قبلها موقع النتيجة من الدليل في قوله : (لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ) فلذلك فصلت ولم تعطف لأنها بمنزلة بدل الاشتمال من التي قبلها ، كما تقدم آنفا في قوله (يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) [لقمان : ١٦] ؛ فإنه لما تقرر إقرارهم لله بخلق السماوات والأرض لزمهم إنتاج أن ما في السموات والأرض ملك لله ومن جملة ذلك أصنامهم. والتصريح بهذه النتيجة لقصد التهاون بهم في كفرهم بأن الله يملكهم ويملك ما في السماوات والأرض ، فهو غني عن عبادتهم محمود من غيرهم.
وضمير (هُوَ) ضمير فصل مفاده اختصاص الغنى والحمد بالله تعالى ، وهو قصر قلب ، أي ليس لآلهتهم المزعومة غنى ولا تستحق حمدا. وتقدم الكلام على الغني الحميد عند قوله (فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) في أول السورة لقمان [١٢].
(وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٧))