وتنوين (كُلٌ) هو المسمى تنوين العوض عن المضاف إليه ، والتقدير : كلّ من الشمس والقمر يجري إلى أجل.
والجري : المشي السريع ؛ استعير لانتقال الشمس في فلكها وانتقال الأرض حول الشمس وانتقال القمر حول الأرض ، تشبيها بالمشي السريع لأجل شسوع المسافات التي تقطع في خلال ذلك.
وزيادة قوله (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) للإشارة إلى أن لهذا النظام الشمسي أمدا يعلمه الله فإذا انتهى ذلك الأمد بطل ذلك التحرك والتنقل ، وهو الوقت الذي يؤذن بانقراض العالم ؛ فهذا تذكير بوقت البعث. فيجوز أن يكون (إِلى أَجَلٍ) ظرفا لغوا متعلقا بفعل (يَجْرِي) ، أي : ينتهي جريه ، أي سيره عند أجل معيّن عند الله لانتهاء سيرهما. ويجوز أن يكون (إِلى أَجَلٍ) متعلقا بفعل (سَخَّرَ) أي : جعل نظام تسخير الشمس والقمر منتهيا عند أجل مقدّر.
وحرف (إِلى) على التقديرين للانتهاء. وليست (إِلى) بمعنى اللام عند صاحب «الكشاف» هنا خلافا لابن مالك وابن هشام ، وسيأتي بيان ذلك عند قوله تعالى (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى) في سورة فاطر [١٣].
و (أَنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) عطف على (أَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ) ، فهو داخل في الاستفهام الإنكاري بتنزيل العالم منزلة غيره لعدم جريه على موجب العلم ، فهم يعلمون أن الله خبير بما يعملون ولا يجرون على ما يقتضيه هذا العلم في شيء من أحوالهم.
(ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (٣٠))
كاف الخطاب المتصل باسم الإشارة موجه إلى غير معين ، والمقصود به المشركون بقرينة قوله وأن ما تدعون (مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ) بتاء الخطاب في قراءة نافع وابن كثير وابن عامر وأبي بكر عن عاصم. والمشار إليه هو المذكور آنفا وهو الإيلاج والتسخير. وموقع هذه الجملة موقع النتيجة من الدليل فلها حكم بدل الاشتمال ولذلك فصلت ولم تعطف فإنهم معترفون بأن الله هو فاعل ذلك فلزمهم الدليل ونتيجته.