الآية ، ومن حديث أبي هريرة : «... في خمس لا يعلمهن إلا الله إن الله عنده علم الساعة جوابا عن سؤال جبريل : متى الساعة؟ ...».
ومعنى حصر مفاتح الغيب في هذه الخمسة : أنها هي الأمور المغيّبة المتعلقة بأحوال الناس في هذا العالم وأن التعبير عنها بالمفاتح أنها تكون مجهولة للناس فإذا وقعت فكأنّ وقوعها فتح لما كان مغلقا وأما بقية أحوال الناس فخفاؤها عنهم متفاوت ويمكن لبعضهم تعيينها مثل تعيين يوم كذا للزفاف ويوم كذا للغزو وهكذا مواقيت العبادات والأعياد ، وكذلك مقارنات الأزمنة مثل : يوم كذا مدخل الربيع ؛ فلا تجد مغيبات لا قبل لأحد بمعرفة وقوعها من أحوال الناس في هذا العالم غير هذه الخمسة فأما في العوالم الأخرى وفي الحياة الآخرة فالمغيبات عن علم الناس كثيرة وليست لها مفاتح علم في هذا العالم.
وجملة (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) مستأنفة ابتدائية واقعة موقع النتيجة لما تضمنه الكلام السابق من إبطال شبهة المشركين بقوله تعالى : (إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) [لقمان : ٣٣] كموقع قوله في قصة [لقمان : ١٦] : (إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) عقب قوله : (إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ) الآية [لقمان : ١٦].
والمعنى : أن الله عليم بمدى وعده خبير بأحوالكم مما جمعه قوله (وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً) إلخ ولذا جمع بين الصفتين : صفة (عَلِيمٌ) وصفة (خَبِيرٌ) لأن الثانية أخص.